للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به. وقد نزل في شأن ذلك القرآن الكريم، قال الله - عز وجل -: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (١) وتولى الله - سبحانه - تفريض الفرائض، وتقدير المواريث في كتابه العزيز، ونسخ كثيرا مما كان في زمن الجاهلية.

وأما قول السائل - عافاه الله -: وهل يجب على الإمام العادل الإخاء بين المسلمين عملا بفعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (٢)


(١) [الأنفال:٧٥].
(٢) قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (٣٥/ ٩٣ - ٩٤): كذلك تنازع الناس هل يشرع في الإسلام أن يتآخى اثنان ويتحالفا كما فعل المهاجرون والأنصار؟ فقيل: إن ذلك منسوخ. لما رواه مسلم في صحيحه رقم (٢٠٦) - تقدم تخريجه - عن جبير أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا حلف في الإسلام وما كان من حلف في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة" ولأن الله قد جعل المؤمنين إخوة بنص القرآن، وقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يظلمه والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه".
أخرج الشطر الأول البخاري في صحيحه رقم (٢٤٤٢) ومسلم رقم (٥٨) من حديث عمر رضي الله عنه.
وأخرج الشطر الثاني من الحديث البخاري في صحيحه رقم (١٣) ومسلم رقم (٧١، ٧٢) من حديث أنس بن مالك.
فمن كان قائما بواجب الإيمان كان أخا لكل مؤمن، ووجب على كل مؤمن أن يقوم بحقوقه، وإن لم يجر بينهما عقد خاص، فإن الله ورسوله قد عقدا الأخوة بينهما بقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وددت أني قد رأيت إخواني" أخرجه مسلم رقم (٣٩).
ومن لم يكن خارجا عن حقوق الإيمان وجب أن يعامل بموجب ذلك فيمد على حسناته ويوالي عليها وينهى عن سيئاته، ويجانب عليها بحسب الإمكان وقد قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انصر أخاك ظالما أو مظلوما " قلت يا رسول الله! أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما؟ قال: "تمنعه من الظلم، فذاك نصرك إياه" أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٦٩٥٢) بنحوه من حديث أنس رضي الله عنه وأخرجه مسلم رقم (٦٢) من حديث جابر.
والواجب على كل مسلم أن يكون حبه وبغضه، موالاته ومعاداته تابعا لأمر الله سبحانه ورسوله، فيحب ما أحب الله ورسوله ويبغض ما أبغضه الله ورسوله ويوالي من يوالي الله ورسوله، ويعادي من يعادي الله ورسوله.