للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدمنا من آيات الكتاب العزيز، ومن الأحاديث النبوية الصحيحة من غير ملجئ إلى ذلك فقد أمكن الجمع بما قدمناه، وهو متعين. وتقديم الجمع على الترجيح متفق عليه، وهو الحق. وقد قابل هؤلاء بضد قولهم القدرية، وهم معبد الجهني وأصحابه، فإنهم قالوا: إن الأمر أنف (١) أي مستأنف، وقالوا: إن الله لا يعلم بالجزئيات إلا عند وقوعها، - تعالى الله عن ذلك -، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع المسلمين.

وقد تبرأ من مقالة معبد هذه وأصحابه من أدركهم من الصحابة، منهم ابن عمر كما ثبت ذلك في الصحيح (٢). وقد غلط من نسب مقالتهم هذه إلى المعتزلة (٣)، فإنه لم يقل


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم التعريف بها.
خلاصة:
١ - ذهب الشوكاني رحمة الله إلى أن أجل الإنسان يزيد وينقص، وأن الله سبحانه يمحو ما يشاء مما في اللوح المحفوظ، ويثبت ما يشاء منه واستدل على ذلك بما ذكر من الأدلة في الرسالة.
* وقدمنا الرأي الراجح وأقوال العلماء في ذلك، كابن حجر، وابن تيمية وها نحن نختم بقول الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي حيث قال عند تفسيره لقوله تعالى: {يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ} الآية "يمحو الله ما يشاء من الأقدار ويثبت ما يشاء منها، وهذا المحو والتغيير في غير ما سبق به علمه، وكتبه قلمه، فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير، لأن ذلك محال على الله أن يقع في علمه نقص أو خلل ولهذا قال: {وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} أي اللوح المحفوظ الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها، وهي فروع وشعب، فالتغيير والتبديل يقع في الفروع والشعب كأعمال اليوم والليلة التي تكتبها الملائكة، ويجعل الله لثبوتها أسبابا، ولمحوها أسبابا لا تتعدى تلك الأسباب ما رسم في اللوح المحفوظ، كما جعل البر والصلة والإحسان من أسباب طول العمر وسعة الرزق، وكما جعل المعاصي سببا لمحق بركة الرزق، والعمر، كما جعل أسباب النجاة من المهالك والمعاطب بحسن قدرته وإرادته وما يدبره منها لا يخالف ما قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ.
"تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" (٤/ ١١٧).