وقال الراغب الأصبهاني في "مفردات ألفاظ القرآن" (ص ٤٧٤): الصبر: الإمساك في ضيق يقال: صبرت الدابة حبستها بلا علف. الصبر: حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع، أو عما يقتضيان حبسها عنه. فالصبر لفظ عام، وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمى صبرا لا غير. ويضاده الجزع. وإن كان في محاربة سمي شجاعة ويضاده الجبن. وإن كان في نائبة مضجرة سمي رحب الصدر. ويضاده الضجر. وإن كان إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده المذل. وقد سمى الله كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله: "وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ" [البقرة:١٧٧]. "وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ" [الحج:٣٥]. انظر: "مجاز القرآن" (١/ ٦٤)، "معانى القرآن وإعرابه" للزجاج (١/ ٢٤٥). (٢) (ص ١٣٦). (٣) [ص: ٤٤]. (٤) [الأنبياء:٨٣]. (٥) [المؤمنون:٧٦]. قال ابن القيم في "عدة الصابرين" (ص٣٣): " والتحقيق أن في الصبر معاني ثلاثة: المنع والشدة والضم، ويقال صبر إذا أتى بالصبر، وتصبر إذا تكلفه واستدعاه، واصطبر إذا اكتسبه وتعلمه وصابر إذا وقف خصمه في مقام الصبر، وصبر نفسه وغيره بالتشديد إذا حملها على الصبر: واسم فاعل صابر وصبار وصبور ومصابر ومصطبر وأما صبار وصبور فمن أوزان المبالغة ... ". حقيقة الصبر: قيل حقيقة الصبر فهو خلق فاضل من أخلاق النفس يمتنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها. قال الجنيد بن محمد: الصبر: تجرع المرارة من غير تعبس. وقال ذو النون: الصبر "التباعد عن المخالفات، والسكوت عند تجرع غصص البلية، وإظهار الغنى مع حلول الفقر بساحات المعيشة ". وقيل: الصبر هو الغنى في البلوى بلا ظهور شكوى. انظر: "عدة الصابرين" (ص ٣٤ - ٣٥).