للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله (١)، ولا إلى غيره، وإنما يقدح في الرضى بالمقتضي ونحو ما خوطبنا بالرضى بالمقضي


(١) وأما إظهار البلاء على غير وجه الشكوى فلا ينافي الصبر، قال تعالى في قصة أيوب: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا} [ص:٤٤]. مع قوله: {مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء:٨٣].
فالشكوى نوعان:
١ - الشكوى إلى الله وهذا لا ينافي الصبر كما قال يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:٨٦]. مع قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف:٨٣].
٢ - شكوى المبتلى بلسان الحال والمقال فهذا لا تجامع الصبر بل تضاده وتبطله.
انظر: "الإحياء" (٥/ ٦٧ - ٧٠)، "عدة الصابرين" (ص ٣٦).
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى " (١٠/ ٦٦٦ - ٦٦٧): " وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:٨٦]، ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف بخلاف الشكوى إلى المخلوق. قرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاوسا كره أنين المريض، وقال: إنه شكوى، فما أن حتى مات.
وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال، إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:٧ - ٨] وقال ابن عباس: " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله".
أخرجه أحمد (١/ ٢٩٣) والترمذي رقم (٢٥١٦) وقد تقدم.
ولا بد للإنسان من شيئين. طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور، وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور، فالأول: هو التقوى، والثاني: هو الصبر.