فالشكوى نوعان: ١ - الشكوى إلى الله وهذا لا ينافي الصبر كما قال يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:٨٦]. مع قوله: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} [يوسف:٨٣]. ٢ - شكوى المبتلى بلسان الحال والمقال فهذا لا تجامع الصبر بل تضاده وتبطله. انظر: "الإحياء" (٥/ ٦٧ - ٧٠)، "عدة الصابرين" (ص ٣٦). قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى " (١٠/ ٦٦٦ - ٦٦٧): " وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ في صلاة الفجر: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف:٨٦]، ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف بخلاف الشكوى إلى المخلوق. قرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاوسا كره أنين المريض، وقال: إنه شكوى، فما أن حتى مات. وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال، إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح:٧ - ٨] وقال ابن عباس: " إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله". أخرجه أحمد (١/ ٢٩٣) والترمذي رقم (٢٥١٦) وقد تقدم. ولا بد للإنسان من شيئين. طاعته بفعل المأمور، وترك المحظور، وصبره على ما يصيبه من القضاء المقدور، فالأول: هو التقوى، والثاني: هو الصبر.