للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوجب الحزن والجزع، ويطلق الصبر أيضًا على من صبر أناة وسكوتا، وعلى من صبر وهو على غير هذه الصفة.

والحلم يقال على من سكن عند سورة، وتلقاها بالسكون والطمأنينة والأناة [١أ]، ويطلق أيضًا على من كان متأنيا في أموره غير مستعجل، وإن لم يكن هناك ما يقتضي الجزع والغضب، ولهذا قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - للرجل الذي وفد مع قومه على رسول الله، فلما رأوا رسول الله أقبلوا إليه مسرعين، وتأخر الرجل حتى لبس حلته ثم أقبل في سكون وتؤده، فقال رسول الله: " إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة" (١) أو كما قال: والقصة مشهورة (٢).


(١) وهو حديث صحيح.
أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٦/ ١٨) والبيهقي في "السنن الكبرى " (١٠/ ١٠٤، ١٩٤) وفي "دلائل النبوة " (٥/ ٣٢٥ - ٣٢٦) من حديث أبي سعيد الخدري.
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (٢٥/ ١٧) والبخاري في "الأدب" رقم (٥٨٦) والترمذي رقم (٢٠١١) والطبراني في "الكبير" رقم (١٢٩٦٩) والبيهقي في "السنن الكبرى " (١٠/ ١٠٤) من حديث ابن عباس.
(٢) أخرجها ابن حبان في صحيحه رقم (٧٢٠٣) وأبو يعلى (١٢/ ٢٤٣ - ٢٤٤) رقم (٢/ ٦٨٤٩) عن الأشج العصري أنه أتى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رفقة من عبد القيس ليزوره فأقبلوا، فلما قدموا. رفع لهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأناخوا ركابهم، فابتدر القوم ولم يلبسوا إلا ثياب سفرهم، وأقام العصري فعقل ركائب أصحابه وبعيره ثم أخرج ثيابه من عيبته وذلك بعين رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم أقبل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسلم عليه فقال له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله. قال: ما هما؟ قال: الأناة والحلم" قال: شيء جبلت عليه أو شيء أتخلقه؟ قال: " لا بل جبلت عليه " قال: الحمد لله.
ثم قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " معشر عبد القيس، ما لي أرى وجوهكم قد تغيرت" قالوا: يا نبي الله نحن بأرض وحمة، كنا نتخذ من هذه الأنبذة ما يقطع اللحمان في بطوننا، فلما نهينا عن الظروف، فذلك الذي ترى في وجوهنا، فقال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الظروف لا تحل ولا تحرم، ولكن كل مسكر حرام، وليس أن تحبسوا فتشربوا، حتى إذا إمتلأت العروق تناحرتم، فوثب الرجل على ابن عمه فضربه بالسيف فتركه أعرج". قال: وهو يومئذ في القوم الأعرج الذي أصابه ذلك.
قلت: فيه المثنى بن ماوي العبدي أبو المنال أحد بني غنيم ذكره ابن حبان في "الثقات" (٥/ ٤٤٤) وأورده البخاري في صحيحه - في "التاريخ الكبير" - (٧/ ٤٢٠) وابن أبي حاتم - في "الجرح والتعديل " - (٨/ ٣٢٦) فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا. وباقي رجاله ثقات.
وأورده في "المجمع" (٥/ ٦٣ - ٦٤) وقال: " رواه أبو يعلى وفيه المثنى بن ماوي أبو المنازل ذكره ابن أبي حاتم، ولم يضعفه ولم يوثقه، وبقية رجالة ثقات".