للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك، حسبما يحكيه ما وقع في بعض نسخ الإنجيل، وكما وقع من يحيى بن زكريا المسمى عندهم يوحنا، فإنه بشر بالمسيح مع اتصال عصره بعصره، فإن يحيى بن زكريا إنما قتل بعد أن بعث الله المسيح كما يحكي ذلك الإنجيل.

[٢ - تبشير التوراة بمحمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:]

والكلام في تبشير بعض الأنبياء ببعض يطول، وها نحن نذكر لك هاهنا ما وقع من التبشبر بنبينا محمد-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ممن تقدمه من الأنبياء، حتى يتضح لك أن هذه سنة الله- عز وجل- في أنبيائه- عليهم السلام-.

فمن ذلك ما ثبت في التوراة في الفصل السابع عشر من السفر الأول منها: " قال الله سبحانه لإبراهيم، وقد سمعت قولك في إسماعيل، وها أنا مبارك فيه، وأثمره، وأكثره بمأذ مأذ" (١) انتهى قوله: "بمأذ مأذ" (٢) هو اسم محمد بالعبرانية، وهذا صريح في البشارة بنبينا محمد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [١٥]

وفي الفصل الثالث (٣) والثلاثين من السفر (٤) الخامس من التوراة، ما لفظه: "يا الله الذي تجلى نوره من طور سينا، وأشرق نوره من جبل سيعير، ولوح به من جبل فاران، وأتى ربوة القدس بشريعة نور من يمينه لهم" انتهى.

هذا نص التوراة المعربة تعريبا صحيحا، وقد حكى هذا اللفظ من نقل عن التوراة بمخالفة لما هنا بسيرة: "هكذا جاء الله من طور سيناء، وأشرق من (ساعير) واستعلن من جبال فاران، وفي لفظ: "تجلى الله من طور سيناء إلخ".

قال جماعة من العلماء: إن معنى تجلى نور الله -سبحانه- من طور سيناء، أو مجيئه


(١) لا توجد هذه الكلمة في العهد القديم ويوجد بدلها " كثيرا جدا ".
(٢) لا توجد هذه الكلمة في العهد القديم ويوجد بدلها " كثيرا جدا ".
(٣) انظر العهد القديم (ص ٢٣٤). ط: القاهرة.
(٤) أي سفر التثنية وقد تقدم.