(٢) كأبي داود رقم (٢٣٦٣) والنسائي (٤/ ١٦٣) وابن ماجه رقم (١٦٣٨). (٣) ذكره الحافظ في " الفتح " (٤/ ١٠٧). قال القرطبي في " المفهم " (٣/ ٢١٢ - ٢١٣) قوله: " كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي " اختلف في معنى هذا على أقوال: ١ - أن أعمال بني آدم يمكن الرياء فيها، فيكون لهم، إلا الصيام فإنه لا يمكن فيه إلا الإخلاص، لأن حال الممسك شبعا كحال الممسك تقربا، وارتضاه المازري. ٢ - أن أعمال بني آدم كلها لهم فيها حظ إلا الصيام فإنهم لا حظ لهم فيه. قاله الخطابي. ٣ - أن أعمالهم هي أوصافهم، ومناسبة لأحوالهم إلا الصيام، فإنه استغناء عن الطعام، وذلك من خواص أوصاف الحق سبحانه وتعالى. ٤ - أن أعمالهم مضافة إليهم إلا الصيام فإن الله تعالى أضافه إلى نفسه تشريفا كما قال: " بيتي وعبادي ". ٥ - أن أعمالهم يقتص منها يوم القيامة فيما عليهم إلا الصيام فإنه لله تعالى ليس لأحد من أصحاب الحقوق أن يأخذ منه شيئا. قال ابن العربي. وقد كنت استحسنته إلى أن فكرت في حديث المقاصة فوجدت فيه ذكر الصوم في جملة الأعمال المذكورة للأخذ منها. فإنه قال فيه: " هل تدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: المفلس هو الذي يأتي يوم القيامة بصلاة وصدقة وصيام، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار ". - أخرجه مسلم رقم (٢٥٨١) وأحمد (٢/ ٣٠٣) - وهذا يدل على أن الصوم يؤخذ كسائر الأعمال. ٦ - أن الأعمال كلها ظاهرة للملائكة، فتكتبها إلا الصوم، وإنما هو نية وإمساك فالله تعالى يعلمه، ويتولى جزاءه. قاله أبو عبيد. ٧ - أن الأعمال قد كشفت لبني آدم مقادير ثوابها وتضعيفها إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير، ويشهد لهذا مساق الرواية الأخرى التي فيها: " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به " يعني: - والله تعالى أعلم - أنه يجازي عليه جزاء كثيرا من غير أن يعين مقداره، ولا تضعيفه، وهذا كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:١٠] وهم الصائمون في أكثر أقوال المفسرين. وهذا ظاهر قول الحسن، غير أنه قد تقدم ويأتي في غير ما حديث أن صوم اليوم بعشرة، وأن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام رمضان صيام الدهر. وهذه النصوص في إظهار التضعيف، فبعد هذا الوجه بل بطل. والأولى حمل الحديث على أحد الأوجه الخمسة المتقدمة. انظر: " فتح الباري " (٤/ ١٠٨ - ١٠٩).