للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبادي بالسرور والغبطة حافظا لما استودع، صادعا بما أمر، يدعو إلى توحيدي باللين من القول، والموعظة الحسنة، لا فظ، ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، رؤوف بمن والاه، رحيم بمن آمن به حتى على من عاداه" (١). انتهى، ولا ريب أن هذه صفات نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنه لم يبعث الله نبيا من بني إسماعيل سواه. ومثل هذه الصفات، ما في حديث عبد الله بن عمرو وعند البخاري (٢) وغيره أنه قيل له: أخبرنا ببعض صفة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في التوراة قال (إنه لموصوف في التوراة (٣) ببعض صفته في القرآن (٤):} يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا {(٥) وحرزا للأميين. أنت عبدي ورسولي، حميتك المتوكل، لست بفظ، ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا يجزي بالسيئة، ولكن يجزي بالسيئة الحسنة، ويعفو ويغفر، ولن أقبضه حتى أقيم به الملة العوجاء، فأفتح به أعينا عمياء، وآذانا صما، وقلوبا غلفا، بأن يقولوا لا إله إلا الله). قيل: قد يراد بلفظ التوراة جنس الكتب المتقدمة من التوراة والزبور والإنجيل، وسائر كتب أنبياء بني إسرائيل. فعلى هذا، يكون المراد بقول عبد الله بن عمرو: "إنه لموصوف في التوراة " هذه الصفات المذكورة في نبوة دانيال، ولا مانع من أن تكون هذه الصفات كانت موجودة في التوراة فحذفتها اليهود، فما ذلك بأول تحريف وتبديل وتغيير


(١) انظر: سفر دانيال الإصحاح التاسع بكامله، والعهد القديم (١٠٠٣ - ١٠٠٤).
* ودانيال: معناه (الله قضى) عاش في فترة السبي البابلي، ونال مكانة عالية عند نبوخذ نصر بعد أن فسر له دانيال حلما قد أزعجه وتوفي في عهد الملك كورش ملك الفرس وينسب إليه سفر باسمه عدد إصحاحاته (١٢) إصحاحا ويحتوي على تاريخ بني إسرائيل في فترة السبي وعلى تنبؤات مستقبلة.
قاموس الكتاب المقدس (٣٥٧ - ٣٦٠).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢١٢٥) و (٤٨٣٨).
(٣) لفظ التوراة يقصدون به جنس الكتب التي عند أهل الكتاب، ولا يخصون بذلك كتاب موسى.
(٤) انظر: سفر أشعياء الإصحاح الثاني والأربعون (١/ ٢٠) والعهد القديم (٨٢٢).
(٥) [الأحزاب: ٤٥].