سيغفر لهم لا محالة، لأنه لا يوجد مسلم يخالف في هذه القدرة الربانية على مغفرة الذنوب، ثم زيادة قوله سبحانه:"ولا أبالي" تفيد مزيد التأكيد أنه فاعل لذلك، وأنه لا يتعاطفه شيء، ولا يبالي من شيء، ومن ذاك الذي يبالي به رب العالم وخالق الكل، والجميع عبيده وخلقه وتحت قدرته وتصرفه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وقد قدمنا شرح هذه الكلمات المذكورة في هذه الرواية الثالثة فيما قبلها، ولكنا نتعرض لمزيد فائدة وتقييد شاردة.
قوله:"ولو أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم، اجتمعوا على قلب أشقى رجل منكم، ما نقص ذلك من سلطاني مثل جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم، اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم، ما زادوا في سلطاني مثل جناح بعوضة".
قد قدمنا الكلام على [هذا](١) الفصل مستوفى، والمراد من هذا أنه سبحانه بين لهم أنه يحسن إليهم بما سبق ذكره وغيره، ولا يزيد إحسان المحسنين في سلطانه شيئا، فإن ذلك إنما هو عادة المخلوقين، فإن غالب أعطياتهم لبعضهم البعض لجلب النفع أو دفع الضر، وأما رب العالم وخالقهم ومحييهم ومميتهم فهو الغني المطلق، الذي لا يبلغ عابده نفعه ولا يستطيعون ضره، وكيف يستطيع ذلك من هو في الضعف والعجز بمكان، بحيث لا يجلب لنفسه نفعا ولا يدفع عنها ضرا، فكيف يقدر على أن يجلب لغيره من المخلوقات نفعا أو يدفع عنهم ضرا، فتعالى الله الملك الحق وتقدس عن أن يقع في خلد أحد من عباده، مسلمهم وكافرهم، ومطيعهم وعاصيهم، أنه يعود إلى ربه الخالق له، والرازق والمحيي له والمميت، زيادة في سلطانه من طاعته أو نقص فيه من عصيانه.
قوله:" ولو أن أولكم وآخركم، وحيكم وميتكم، ورطبكم ويابسكم، سألوني