للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أغناه الله، فدفع الفقر لا يغني فيه سعي ولا كسب، ولا حيلة للعبد في شيء من ذلك، بل الغنى بيد الله عز وجل، من أفاض عليه من خزائن ملكه صار غنيا، ولا ينافي ذلك السعي في أسباب الرزق، كما في قوله عز وجل: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ .... } (١).

فإن الله عز وجل هو مسبب الأسباب، وهو الفاتح لأبواب الخير، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} (٢) الآية.

وقال سبحانه: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} (٣).

قوله: "وكلكم ضال إلا من هديت فسلوني الهدى أهدكم، ومن استغفرني وهو يعلم أني ذو قدرة على أن أغفر له، غفرت له ولا أبالي".

لما كان أصل هذا النوع الإنساني الضلال والجهل، لأن الهدى والعدل لا بد أن يتقدمه علم، إذ من لا يعلم لا يدري ما العدل ولا ما الهدى حتى يعلم بذلك، فأخبر الله سبحانه عباده أن كلهم ضال إلا من هداه عز وجل، فهو الهادي، لا هادي سواه، ثم أرشدهم إلى أن يسألوه الهداية لهم، وكفل لهم إذا سألوه ذلك أن يجيبهم ويمنحهم ما سألوه، ويعطيهم ما طلبوه، ثم أرشدهم إلى أن يطلبوا منه المغفرة لذنوبهم بعد أن يعلموا أنه ذو قدرة على ذلك، وكل مسلم يعلم ذلك، فالتقييد بهذه الزيادة فيه الإشعار لهم بأنه


(١) [الملك: ١٥]
(٢) [فاطر: ٢]
(٣) [يونس: ١٠٧]