للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبعد:

فإنه وصل السؤال من مكة المشرفة، وهذا لفظه:

ما قولكم - رضي الله عنكم- في فقراء الغرباء الواصلين إلى مكة - شرفها الله - الواردين إليها من سائر الجهات، ومكثهم في المسجد الحرام بما معهم من الأمتعة، واتخاذهم إياه مسكنا، ونومهم فيه من صحيح ومريض وجريح، مع كشف عورات أغلبهم، وكثرة صياحهم وتشويشهم على المصلين في آخر المسجد مع الإمام اشتباه الإمام عليهم، ولو كان مبلغ بسبب رفع أصواتهم وترك بعضهم الصلاة مع الجماعة، ومنهم لغالب بقاع المسجد على المصلين بما معهم من الأمتعة المسترذلة، وتلويثهم المسجد بالأوساخ، والبزاق، والمخاط، والقيح والدم، والبول، والغائط المشاهد كل ذلك حسا وعيانا، المؤدي ذلك إلى هتك حرمة البيت الشريف الواجب تعظيمه وتوقيره، والمكث فيه مع الجنابة. وعلى ذلك مما هو مستقبح شرعا هل يباح مكثهم فيه على ما ذكر قياسا على فقراء المهاجرين من أهل الصفة (١) من الصحابة الكرام الذين أشرقت عليهم أنواره - عليه الصلاة والسلام - أم لا يباح ذلك؟ وعلى ولاة الأمر من القضاة والحكام منعهم وإخراجهم عنه، ولو منعوا من سكنى ما كان لهم من أربطة ودور ونحوها واستيلاء الغير عليها؟ أفيدوا بالجواب، ولكم من الله الوهاب جزيل الثواب آمين.


(١) أهل الصفة: كانوا أضياف الإسلام، كانوا يبيتون في صفة مسجده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو موضع مظلل من المسجد. ولمزيد تفصيل عن أهل الصفة انظر كتاب "رجحان الكفة في بيان نبذة من أخبار أهل الصفة "للعلامة الحافظ: محمد بن عبد الرحمن السخاوي. تحقيق أبي عبيدة وأبي حذيفة ط. دار السلف