للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمين لكل فرد من أفرادهم، فلا يجوز القول بتحليل ذلك في موضع من المواضع لفرد أو أفراد إلا بدليل يخصص هذا العموم، فإن قام الدليل على ذلك فبها ونعمت، وإن لم يقم فهو من التقول على الله بما لم يقل، ومن تحليل ما حرمه الله بغير برهان من الله - عز وجل -.

[الصورة الأولى: التظلم].

إذا عرفت هذا فاعلم أن الصورة الأولى - من الصور التي ذكرها، وهي جواز اغتياب المظلوم لظالمه - قد دل على جوازها قول الله - عز وجل -: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} (١) فهذا الاستثناء قد أفاد جواز ذكر المظلوم للظالم بما يبين للناس وقوع الظلم له من ذلك الظالم، ورفع صوته بذلك، والجهر به في المواطن التي يجتمع الناس بها. أما إذا كان يرجو منهم نصرته، ودفع ظلامته، ودفع ما نزل به من ذلك الظالم، كمن له منهم قدرة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من الولاة والقضاة وغيرهم؛ فالأمر ظاهر، وأما إذا كان لا يرجو منهم ذلك، وإنما أراد كشف مظلمته وإشهارها في الناس فظاهر الآية الكريمة يدل على جوازه؛ لأنه لم يقيدها بقيد يدل على أنه لا يجوز الجهر بالسوء من القول إلا لمن يرجو منه النصرة، ودفع المظلمة.

وإن كان ما قدمنا من كلام النووي يفيد قصر الجواز على من يقدر على دفع الظلم لكن الآية لا تدل على ذلك [فقط] (٢) ولا تمنع مما عداه.

[جواز الجهر بالسوء لمن ظلم].

وهاهنا بحثان:

البحث الأول: لا يخفاك أن الأدلة الدالة على تحريم الغيبة تشمل المظلوم وغيره،


(١) [النساء: ١٤٨]
(٢) زيادة من (أ).