للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآية الدالة على جواز الجهر بالسوء لمن ظلم تفيد جواز ذلك في وجه الظالم وفي غيبته.

فأدلة تحريم الغيبة أعم من وجه وهو شمولها لغير المظلوم، وأخص من وجه، وهو أعم من تناولها لما يقال في وجه من يراد ذكره بشيء من قبيح فعله.

وآية جواز ذكر المظلوم للظالم أعم من وجه وهو جواز ذكر ذلك في وجه الظالم وفي غيبته، وأخص من وجه وهو عدم تناولها لغير المظلوم وظالمه.

ولا تعارض في مادتين: وهما دلالة أدلة تحريم الغيبة على عدم جوازها لغائب غير ظالم، ودلالة آية جواز الجهر بالسوء على أنه يجوز للمظلوم في وجه الظالم، وإنما التعارض في مادة واحدة، [وهي] (١) ذكر المظلوم للظالم بظلمه له في غيبته.

فأدلة تحريم الغيبة قاضية بالمنع من ذلك، والآية قاضية بالجواز، ولا يخفاك أن أدلة [٢أ] تحريم الغيبة أقوى؛ لصراحة دلالة الآية على تحريمها، مع اعتضادها بالأدلة من قطيعة السنة، واشتداد عضدها بوقوع الإجماع عليها. وآية جواز ذكر المظلوم للظالم وإن كانت قطعية المتن فهي ظنية الدلالة، وقد عارضها ما هو مثلها من الكتاب العزيز في قطعية متنه وظنية دلالته، وانضم إلى ذلك المعارض ما شد [من] (٢) عضده، وشال بضبعه من السنة والإجماع، [فتقصر] (٣) دلالة آية جواز ذكر المظلوم للظالم على ذكره بالسوء الذي فعله من الظلم الذي أوقعه على المظلوم في وجهه، ولا يجوز له [٢] ذكره في غيبته، ترجيحا للدليل القوي، ومشيا على الطريق السوي، فلا تكون هذه الصورة - التي جعلها النووي عنوانا للصور المستثناة - صحيحة؛ لعدم قيام مخصص صحيح صالح للتخصيص يخرجها من ذلك العموم.

البحث الثاني: هل جهر المظلوم بالسوء الذي أصابه من ظالمه جائز فقط، أم له رتبة


(١) في (ب) وهو.
(٢) زيادة من (ب).
(٣) في (ب) فتصير.