للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه (١)، للقطع بأن الله يحب العفو عن الناس، وذلك معلوم بالكتاب والسنة والإجماع، والأدلة عليه من كليات الشريعة وجزئياتها تحتاج إلى طول بسط [٢ب] (٢).

[الصورة الثانية: الاستعانة على تغيير المنكر].

وأما الصورة الثانية: التي ذكرها النووي (٣) فيما قدمنا - وهي الاستعانة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب - فاعلم أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر هما من أعظم عمد الدين (٤)؛ لأن بهما حصول مصالح الأولى والأخرى، فإن كانا قائمين قام بقيامها سائر الأعمدة الدينية، والمصالح الدنيوية، وإن كانا غير قائمين لم يكثر الانتفاع بقيام غيرهما من الأمور الدينية والدنيوية، وبيان ذلك، أن أهل الإسلام إذا كان الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر فيهم ثابت الأساس، والقيام به هو شأن الكل أو الأكثر من الناس، فالمعروف بينهم معروف، وهم يد واحدة على إقامة من زاغ عنه، ورد غواية


(١) قال الشوكاني في "فتح القدير" (١/ ٦٢٣ - ٦٢٤): اختلف أهل العلم في كيفية الجهر بالسوء الذي يجوز لمن ظلم، فقيل هو أن يدعوا على من ظلمه وقيل: لا بأس أن يجهر بالسوء من القول على من ظلمه بأن يقول: فلان ظلمني أو هو ظالم أو نحو ذلك.
وقيل: معناه: إلا من أكره على أن يجهر بسوء من القول من كفر أو نحوه فهو مباح له.
والظاهر من الآية أنه يجوز لمن ظلم أن يتكلم بالكلام الذي هو من السوء في جانب من ظلمه ويؤيده الحديث الثابت في الصحيح "لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته ". تقدم تخريجه.
وأما على القراءة - إلا من على البناء للمعلوم - فالاستثناء متقطع أي إلا من ظلم في فعل أو قول فاجهروا له بالسوء من القول في معنى النهي عن فعله والتوبيخ له.
وقال الألوسي في "روح المعاني (٢٦/ ١٦١): وقد تجب الغيبة لغرض صحيح شرعي لا يتوصل إليه إلا بها وتنحصر في ستة أسباب. الأول التظلم فلمن ظلم أن يشكو لمن يظن له قدرة على إزالة ظلمه أو تخفيفه ...
(٢) تقدم ذكره.
(٣) في شرحه لصحيح مسلم (١٦/ ١٤٢)
(٤) تقدم مرارا