للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العفو (١)، وندبهم إلى ترك الانتصاف، والتجاوز عن المسيء، حتى ورد الإرشاد للمظلوم إلى ترك الدعاء على ظالمه، وأنه إذا فعل ذلك انحط عليه من أجر ظلامته ما هو مذكور في الأحاديث، وقد صرح الكتاب العزيز في غير موضع بالأمر بالعفو، والترغيب فيه، وعظم أجر العافين عن الناس (٢)، وهكذا وقع في السنة المطهرة ما هو الكثير الطيب من ذلك (٣).

ومجموع هذا لا يفيد أن الانتصاف وترك العفو غايته أن يكون جائزا، وهكذا ما في هذه الآية من جواز ذكر المظلوم للظالم بالسوء الذي ناله ..........................................


(١) انظر الرسالة رقم (٣١).
(٢) منها قوله تعالى: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤].
ومنها: قوله تعالى: (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: ٢٢].
ومنها: قوله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [الشورى: ٤٣].
(٣) منها: ما أخرجه مسلم رقم (٢٥٨٨) والترمذي (٢٠٢٩) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" ما نقصت صدقة من مال ". وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه عز وجل ". وهو حديث صحيح.
ومنها: ما أخرجه أحمد (٤/ ٢٣١) والترمذي رقم (٢٣٥) وابن ماجه رقم (٤٢٢٨) من حديث أبي كبيشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:" ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه.
قال: ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر ... " واللفظ للترمذي. وقال: حديث حسن صحيح.
وهو حديث صحيح.
ومنها: ما أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٣٤٧٧) ومسلم رقم (١٧٩٢) عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون".