للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستنصار به (١)، بأن يقول لجماعة من المسلمين: في المكان الفلاني من يرتكب المنكر، فهلموا إلي، وقوموا معي حتى ننكره ونغيره، فليس به إلى الغيبة- التي هي جهد من لا


(١) قال القرطبي في " المفهم" (١/ ٣٣٤): إذا كان المنكر مما يحتاج في تغييره إلى اليد. مثل كسر أواني الخمر، وآلات اللهو كالمزامير والأوتاد والكبر-الطبل- وكمنع الظالم من الضرب والقتل وغير ذلك. فإن لم يقدر بنفسه استعان بغيره، فإن خاف من ذلك ثوران فتنة، وإشهار سلاح، تعين رفع ذلك. فإن لم يقدر بنفسه على ذلك غير بالقول المرتجى نفعه من لين أو إغلاظ حسب ما يكون أنفع، وقد يبلغ بالرفق والسياسة ما لم يبلغ بالسيف والرياسة، فإن خاف من القول القتل أو الأذى، غير بقلبه، ومعناه أن يكره ذلك الفعل بقلبه، ويعزم أن لو قدر على التغيير لغيره ... ".
وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان أو أمير جائر". من حديث أبي سعيد الخدري.
أخرجه أبو داود رقم (٤٣٤٤) والترمذي رقم (٢١٧٤) وابن ماجه رقم (٤٠١١). وهو حديث حسن.
وقد ورد الخطاب- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- للأمة عامة ولكن المسؤولية تتأثر على صنفين من الناس وهما العلماء والأمراء أما العلماء فلأنهم يعرفون من شرع الله تعالى ما لا يعرفه غيرهم من الأمة ولما لهم من هيبة في النفوس واحترام في القلوب مما يجعل أمرهم ونهيهم أقرب إلى الامتثال وأدعى إلى القبول.
وأما الأمراء والحكام فإن مسئوليتهم أعظم وخطرهم إن قصروا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكبر لأن الحكام لهم ولاية وسلطان ولديهم قدرة على تنفيذ ما يأمرون به وينهون وحمل الناس على الامتثال ولا يخشى من إنكارهم مفسدة لأن القوة والسلاح في أيديهم والناس ما زالوا يحسبون حسابا لأمر الحاكم ونهيه فإن قصر الحاكم في الأمر والنهي طمع أهل المعاصي والفجور ونشطوا لنشر الشر والفساد دون أن يراعوا حرمة أو يقدسوا شرعا ولذا كان من الصفات الأساسية للحاكم الذي يتولى الله تأييده، ونصرته، ويثبت ملكه ويسدد خطئه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
" الوافي في شرح الأربعين النووية" (ص ٢٦٣).