للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن هذا القسم لا شك ولا ريب في جوازه، بل في وجوب بعض صورة؛ صونا للشريعة، وذبا عنها، ودفعا لما ليس منها، وحفظا [لدماء العباد وأموالهم] (١) وأعراضهم. وهذا كله هو داخل في [الضرورات] (٢) الخمس المذكورة في علم الأصول (٣)، ومما يدل على ذلك دلالة بينة ما ورد في النصيحة لله، ولكتابة، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم وخاصتهم (٤)؛ فإن بيان كذب الكذابين من أعظم النصيحة الواجبة لله ولرسوله، ولجميع المسلمين. وأدلة وجوب النصيحة متواترة، وكذلك جرح (٥) من شهد في مال أو دم أو عرض بشهادة زور (٦)؛ فإنه من النصيحة التي أوجبها الله على عباده، وأخذهم بتأديتها، وأوجب عليهم القيام بها.

القسم الثاني: الإخبار بالعيب عند المشاورة:

أقول: الوجه في تجويز الغيبة في هذه [٥أ] الصورة، أنه قد ثبت مشروعية المشاورة، ثم مشروعية المناصحة الثابتة بالتواتر، وهي من جملة حقوق المسلم على المسلم، كما ثبت في الصحيح (٧) .................................................


(١) في (ب) لأموال العباد ودمائهم.
(٢) في (أ) الضروريات.
(٣) انظر " إرشاد الفحول " (ص ٧٩٠ - ٧٩١) تقدم ذكرها مفصلة.
[حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال].
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) انظر " المغني " (١٤/ ١٢٣، ١٧٨).
(٦) والتي هي من أكبر الكبائر، قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: " الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور! " فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
(٧) أخرج مسلم في صحيحه رقم (٥/ ٢١٦٢) والبخاري في " الأدب المفرد " رقم (٩٢٥) والبيهقي في " السنن الكبرى " (٥/ ٣٤٧) (١٠/ ١٠٨) والبغوي في " شرح السنة " رقم (١٤٠٥) وأحمد (٢/ ٣٢) عن حديث أبي هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: " حق المسلم على المسلم ست " قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: " إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه ".