للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فظهر مما سبق نقله أن القيام للوارد بمدلول عليه بالسنة قولا، وفعلا، وتقريرا أن حديث أبي أمامة في أبي داود لا يقوى على معارضة ما في الصحيحين لو صح سنده، وأن القول بحمله على ما لم تصحبه المصافحة، وحمل حديث كعب على القيام مع المصافحة تكلف لا حاجة إليه، لكن يبقى الكلام هل هذا القيام جائز مع الكراهة كما يستفاد من كلام الحافظ ابن حجر (١) المنقول آنفا؟ وهو مشروع، أعني مستحبا، كما صرح به العامري في البهجة، فلا كراهة.

والظاهر أنه مستحب [٢] إذ لا يأمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بالمكروه كما وقع في حديث سعد بن معاذ. وجعل الحافظ ابن حجر (٢) لحديث معاوية دليلا على الكراهة - أعني كراهة القيام - لا يتم؛ إذ مقتضى حديث معاوية المنع من السرور بالقيام، وهو إنما يقع للوارد المعني بقوله: من سره أن يتمثل له الرجال. . إلخ (٣)، والمأمور بالقيام من وقع الورود عليه، فلم يتوارد ما يدل على القيام، وما يدل على منع السرور منه على محل واحد، حتى يحمل المثبت منهما على الجواز مع الكراهة، نعم المكروه حصول السرور من الوارد؛ لحديث معاوية المذكور، وإنما قيل بالكراهة بدون التحريم لما عرفت من سرور كعب بن مالك بقيام طلحة، وتقرير النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لذلك السرور كما أفاده العامري. هذا ما ظهر للراقم، وفوق كل ذي علم عليم.


(١) في " التلخيص " (٤/ ١٨٠ - ١٨١).
(٢) في " التلخيص " (٤/ ١٨٠ - ١٨١).
(٣) قال ابن تيمية في " مجموع فتاوى " (١/ ٣٧٥): " وليس هذا القيام المذكور في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار " فإن ذلك أن يقام له وهو قاعد، ليس هو أن يقوموا لمجيئه إذا جاء؛ ولهذا فرقوا بين أن يقام إليه وقمت له، والقائم للقادم ساواه في القيام بخلاف القائم للقاعد ".