للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا شك أن قيام كل واحد منهما ليس في حال قعود الآخر، فتدبر. وبهذا يعرف أن قول شيخنا - حفظه الله - أن [٤] حديث أبي أمامة لا يقوى على معارضة ما في الصحيحين. . إلخ غير مناسب؛ إذ لا تعارض بين مطلق ومقيد؛ إذ هو يحمل أحدهما على الآخر عند استلزام حكم المطلق أمرا منافيا لحكم المقيد بأن يقيد المطلق بقيد، قيل: المقيد كما تقرر في الصول، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن الأمر بالقيام المطلق ينافي المنهي عنه مقيدا بالتعظيم إلا عند تقييده بضد، قيل: المقيد وهو عدم التعظيم.

قال المحقق ابن الإمام في شرح الغاية (١) في بحث الإطلاق: والتقييد ما لفظه: إلا إذا استلزم حكم المطلق بالاقتضاء أمرا ينافيه حكم المقيد، إلا عند تقييده بضد قيده، نحو أعتق عني رقبة - مع لا [. . . . .] (٢) - كافرة، فإنه يجب تقييد المطلق حينئذ ضد قيد المقيد، وهو الإيمان. انتهى.

ووزن هذا أوزان ما يخفى فيه، وخلاصة البحث أن القيام جائز مطلقا إلا لقصد التعظيم، سواء كان للوارد أو للقاعد، فما ورد من الأدلة قاضيا بالجواز خاليا عن ذلك القيد كحديث طلحة وسعد، فهو دليل الجواز فيما عداه تقييد للمطلق بضد قيد المقيد كما سبق، وما ورد منها قاضيا بالمنع خاليا عن ذلك القيد كحديث: " من أحب أن يتمثل له الناس. . . " (٣) الحديث، فهو محمول على ذلك المقيد بقيد التعظيم، حمل المطلق على المقيد تقييدا له بمثل قيده؛ لاتفاقهما سببا وحكما، وما ورد فيها دالا على الجواز كحديث قيام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لفاطمة وقيامها له مقيدا بقيد الإكرام ونحوه، فهو كذلك لذلك، وما ورد منها دالا على المنع مقيدا بقيد التعظيم كحديث أبي أمامة فهو أيضًا كذلك لذلك، هذا ما ظهر، ولا أقول: ما ثبت وتقرر. والعلم عند


(١) تقدم التعريف به.
(٢) كلمة غير واضحة في المخطوط.
(٣) تقدم تخريجه.