للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في التعليل (١)، فقد شملها اسم الظهور فهو مسلم، لكنه قد تقرر جواز مخالفة ما هو في أول مرتبة من مراتب الظهور في دليل صحيح معتبر لدليل مساو له في الصحية، فكيف لا تجوز مخالفة ما هو في المرتبة الثالثة منه في دليل لا تقوم به الحجة لما في أعلى درجات الصحة؟! وكيفية مخالفة الظاهر فيه حمل القيام المنهي عنه على القيام حال القعود، بجعل القيام الصادر منهم المرتب على خروجه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عليهم مستمرا بعد قعوده، فنهاهم بقوله: " لا تقوموا كما يقوم الأعاجم " فتكون العلة في النهي قعود من كان القيام لأجله لا التعظيم، ومما يرشد إلى صحة هذا الحمل وتعين المصير إليه مع العمل لهذا الحديث تشبيه هذا القيام المنهي عنه بقيام الأعاجم. وقد فسر قيام الأعاجم بقوله في رواية مسلم: " يقومون على ملوكهم وهو قعود ". ولولا هذا الحمل لم يبق للتشبيه فائدة، ولكان يكفي أن يقول [٦]: لا تقصدوا التعظيم بهذا القيام، واقصدوا المحبة


(١) قد قسموا النص على العلة إلي صريح وظاهر.
فالصريح: الذي لا يحتاج فيه إلى نظر واستدلال، بل يكون اللفظ موضوعا في اللغة له.
قاله الآمدي في " الإحكام " (٣/ ٢٧٨).
وقال ابن الأنباري: ليس المراد بالصريح المعنى الذي لا يقبل التأويل، بل المنطوق بالتعليل فيه على حسب دلالة اللفظ الظاهر على المعنى.
" البحر المحيط " (٥/ ١٨٧).
وأما الظاهر فينقسم إلى أقسام، أعلاها (اللام)، ثم (أن) المفتوحة المخففة، ثم (إن) المكسورة الساكنة، بناء على أن الشروط اللغوية أسباب، ثم (إن) المشدودة، ثم الباء، ثم الفاء إذا علق بها الحكم على الوصف وذلك نوعان:
١ - أن يدخل على السبب والعلة ويكون الحكم متقدما، كقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا تخمروا رأسه؛ فإنه يبعث ملبيا ".
٢ - أن يدخل على الحكم وتكون العلة متقدمة، كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}، لأن التقدير: من زنى فاجلدوه.
" انظر تفصيل ذلك: " إرشاد الفحول " (ص٧٠٤ - ٧٠٥)، " البحر المحيط " (٥/ ١٩٢).