للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكل ضلالة في النار " (١).

قوله: وتلبس بغير شعار الإسلام، أنت خبير بأنه تقرر سابقا أنها بدعة قبيحة، وكل بدعة قبيحة فهي غير شعار الإسلام، فكيف يصح إنكار العلامة على قائله! كيف ولا يبعد أن يقال هذا في شعائر الجاهلية وأمورها [١]! ولذا لم يوجد ذلك في إسلام السلف رأسا، فلا هذا الوفد الذين هم قريب عهد من الإسلام يؤيد إنكاره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليهم، وعدم حدوثه إلا حين ضَعْفِ الإسلام وشبوب الشرك في الناس، إما باستدعاء الخلف إلى عبادتهم كبعض المتعلمين وبعض المتصوفين، أو بإغرائهم إلى عبادة أربابهم كبعض التلامذة وبعض المريدين، حتى شاع الشرك في أكثر البلاد مع وقوع الخلق في الغلط، فصار ذلك عندهم من شعائر الإسلام ومستحسناته؛ فلذا ترى مشركي زماننا يذكرون عند ذكر آلهتهم سيدي فلان، أو سيدنا. فوضح أن ذلك من أمور الجاهلية، ما وجدت إلا عند عود الجاهلية.

قوله: فالخطب يسير، والخطر في ذلك حقير، فيها إيهام استصغار المعصية، وقد صرح أهل الدين أن استصغار المعصية ولو كانت صغيرة تصير كبيرة (٢)، فلا يتصور صدور مثل ذلك عن العلامة إلا ذهولا عن تلك المقدمة، أو قصدا لأمر آخر في باله الشريف، ثم إنك قد عرفت مما سردنا أنه من البدعة القبيحة ومن أمور الجاهلية، وقد صح إنكاره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على مرتكبيه، فلا يلام من قال بأنه حرام أو مكروه تحريما.

قوله: يتعذر تلافيها. قد أدركت إنحاء دفعنا لإنحاء رده ابتداءً، وسترى أحسن من


(١) تقدم تخريجه.
(٢) منها ما أخرجه أبو داود رقم (٤٩٩٠) والترمذي رقم (٢٣١٥) والنسائي في " السنن الكبرى " رقم (١١٦٥٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد زادت، فذلك قول الله تعالى: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: ١٤].