للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك انتهاء - بحول الله تعالى وحسن توفيقه - فصح أن يقال ذلك من طرفنا.

قوله: فهذا حجتهم. فيه تلويح بأنه لا مستند لهم غير هذا الحديث، ولعمري أن العلامة خلط الحديثين (١)، ولعل وجهة ادعائه على اتحاد القصة بالتاريخ فهو مؤاخذ بتصحيح ذلك، أو وصلت إليه الرواية بتلك الطريق على نحو ما ذكره، أو غير ذلك من البواعث، وإلا فقد أخرج أبو داود (٢) بإسناد جيد عن عبد الله بن الشخير قال: انطلقت في وفد [بني] عامر إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلنا: أنت سيدنا، فقال: " السيد الله تبارك وتعالى " قلنا: وأفضلنا فضلا وأعظمنا طولا، قال: " قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرنكم الشيطان ".

وأخرج النسائي (٣) عن أنس بسند حسن أن أناسا قالوا: يا رسول الله، يا خيرنا وابن خيرنا، يا سيدنا وابن سيدنا، فقال: " يا أيها الناس قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله - عز وجل - " ثم اعلم أنه يفهم من سياق كلام العلامة وسياقه أن الإنكار على ذلك إنما حدث بين قوم معين لا غير، وليس الأمر كذلك، بل الإنكار لم يبرح من لدن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يومنا هذا على مباشرة من العلماء الراسخين الأبرار المتقدمين الأحرار، فإن طائفة من أمته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا تزال على الحق ظاهرين ومنصورين كما ورد حتى تقوم الساعة (٤)، وذلك واضح لمن له أدنى إلمام بالسير في


(١) انظر التعليقة الآتية.
(٢) في " السنن " رقم (٤٨٠٦)، وهو حديث صحيح.
(٣) في " عمل اليوم والليلة " رقم (٢٤٨) وأخرجه أحمد (٣/ ٢٤١، ٢٤٩).
(٤) أخرج البخاري رقم (٧٣١١) ومسلم رقم (١٩٢١) من حديث المغيرة قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٩٢٤) من حديث عقبة مرفوعا: " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون عن أمر الله قاهرين لعدوهم، ولا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ".