(٢) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٢٥٥٢) ومسلم في صحيحه رقم (٢٢٤٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لا يقل أحدكم: أطعم ربك وضئ ربك، وليقل: سيدي مولاي، ولا يقل أحدكم: عبدي، أمتي، وليقل: فتاي وفتاتي وغلامي ". قال الحافظ في " الفتح " (٥/ ١٧٩): وفيه نهي العبد أن يقول لسيده: ربي، وكذلك نهي غيره، فلا يقول له أحد: ربك، ويدخل في ذلك أن يقول السيد ذلك عن نفسه، فإنه قد يقول لعبده: اسق ربك، فيضع الظاهر موضع الضمير على سبيل التعظيم لنفسه، والسبب في النهي أن حقيقة الربوبية لله تعالى؛ لأن الرب هو المالك والقائم بالشيء، فلا توجد حقيقة ذلك إلا لله تعالى. قال الخطابي: سبب المنع أن الإنسان مربوب متعبد بإخلاص التوحيد لله وترك الإشراك معه، فكره له المضاهاة في الاسم؛ لئلا يدخل في معنى الشرك، ولا فرق في ذلك بين الحر والعبد، فأما ما لا تعبد عليه من سائر الحيوانات والجمادات فلا يكره إطلاق ذلك عليه عند الإضافة كقوله: رب الدار ورب الثوب. قال ابن بطال: لا يجوز أن يقال لأحد غير الله رب، كما لا يجوز أن يقال له إله. قال الحافظ ابن حجر: والذي يختص بالله تعالى إطلاق الرب بلا إضافة، أما مع الإضافة فيجوز إطلاقه في قوله تعالى حكاية عن يوسف - عليه السلام -: {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} وقوله: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ}، وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أشراط الساعة: " أن تلد الأمة ربها " فدل على أن النهي في ذلك محمول على الإطلاق، ويحتمل أن يكون النهي للتنزيه.