للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا يتقرر لك صحة ما ذكره كثير من أهل العلم من تخصيص البدعة القبيحة بما كان من الابتداع في الدين، فحينئذ لا يصح الاستدلال على ما نحن بصدده بمثل حديث: " كل بدعة ضلالة" (١)، ولا بمثل حديث: " كل أمر ليس عليه أمرنا فهو رد" (٢)، لأن هذه الأمور مختصة بما كان من أمر الدين، لا بمثل التحاور والتكاتب ونحو ذلك.

ولو سلمنا اندراج المكاتبة تحت الأمور الدينية اندراجا مشتملا على جميع الأوضاع التي كانت في عصر النبوة لكان ما ورد عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إطلاق لفظ السيد على فرد من أفراد العباد مخصصا للعمومات، والخاص مقدم على العام باتفاق أهل الأصول، بل بإجماع كل من يعتد به من أهل العلم. .

قوله: فهي غير شعار الإسلام.

أقول: هذا اللفظ يراد به من خلع جلباب الإسلام، وخرج منه إلى غيره، فإن كان المعترض - عافاه الله - يريد هذا المعنى، وأن من لم يكتب في صدر كتابه من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان فقد خرج عن الإسلام إلى الكفر، فهذا أمر لا يقوله مسلم، ولا يستجيزه أحد من أهل هذه الملة؛ فإن التكفير إنما يكون بأمور معروفة، قد ذكرها أهل العلم، ومنها رد ما كان قطعيا من قطعيات الشرع لا مجرد تركه من دون رد ولا إنكار


(١) تقدم تخريجه
(٢) تقدم تخريجه