للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سيدكم " (١) وقال للأوس: " انظروا ما يقول سيدكم" (٢) يعني سعد بن عبادة، وهو في الصحيح. فهل ثم فرق بين ضمير وضمير؟ يا لله العجب!. .

وبالجملة. . فالمعترض - عافاه الله - إن كان يرجع إلى صواب الصواب، ويعترف بالحق، ويذعن للإنصاف فهو لا يخفى عليه بعد هذا أن التشديد في هذه المسألة لم يكن عن بصيرة ثاقبة، ولا رأي صائب، ولا أعني بهذا قوما مخصوصين كما وهم المعترض، فإنما عنيت عالما من علماء اليمن، كاتبني مكاتبة ظهر منها أنه يتشدد في ذلك، فكتبت ذلك البحث جوابا عليه، وعلى من يذهب إلى ما يقوله من التشدد، فليعلم هذا المطلع عليه ويتيقنه، ويعرف أنه لا إرب لي إلا الإرشاد إلى الحق، ودعاء الناس إلى العمل بالكتاب والسنة من غير تعصب لمذهب معين، ولا مجادلة عن طائفة مخصوصة.

قوله: مع قيام القرينة بأنهم أرادوا المالك الذي كانوا يقصدون ذلك عند الإطلاق لآلهتهم.

أقول: قد تقرر بهذا أنه لا منع عند المعترض إلا إذا أراد من أطلق السيد على المالك فقط، وحينئذ فلا فرق بين السيد، وسيد بني فلان، وسيدنا، وسيدي، فإنها ممنوعة إن أراد المتكلم بها المالك، وجائزة إن لم يرد بها المالك. ونحن نقول أن أهل العصور المتأخرة لا يريدون بشيء من تلك الألفاظ المالك كما قدمنا تحقيقه فجاز لهم إطلاق ذلك في المخاطبة والمكاتبة، وحصل الوفاق وارتفع الخلاف. وهذا بناء على صحة ما ذكره من أن مراد أولئك القوم الذين وفدوا على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقولهم: أنت سيدنا معنى: أنت مالكنا ولكن الظاهر أنهم ما أرادوا [١٢] إلا معنى: أنت ربنا كما أوضحنا ذلك سابقا.

وقد اعترف المعترض بأنهم كانوا يقصدون بلفظ السيد ما يقصدونه عند إطلاقه على آلهتم. ومعلوم أنهم لا يقصدون عند خطاب الآلهة بالسيد وسيدنا إلا الرب، فإنهما أرباب عندهم، كما صرح بذلك القرآن. فالقرينة التي جعلها دالة على أنهم أرادوا المالك


(١) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح
(٢) تقدم تخريجه وهو حديث صحيح