للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرنا أنه يجوز إطلاقه على البشر إذا لم يوجد ذلك المقصد. وهكذا المعترض قد جوزه إذا قامت قرينة تدل على أنه لم يرد الرب - سبحانه - بلفظ السيد. ولهذا جوز السيد الشريف، لأن الشريف قرينة دالة على أنه لم يرد بالسيد الله - سبحانه -، فوافقنا من هذه الحيثية، واعترف بصحة التأويل الذي ذكرناه في ذلك البحث. والحمد لله.

ثم نقول: ليت شعري أي فرق بين قول القائل يا سيد بني فلان، ويا سيدنا، مع كون الخطاب مع فرد من أفراد بني آدم؟ فإن في قوله سيد بني فلان إثبات الرئاسة له على طائفة هم بنو فلان، وفي قول القائل: سيدنا إثبات الرئاسة له على طائفة هم المتكلمون بهذا اللفظ، المخاطبون به، أو المكاتبون لغيرهم. وفي قول القائل: يا سيدي إثبات الرئاسة له على فرد هو المتكلم.

ولا شك ولا ريب أن إثبات الرئاسة لرجل على بطن أو قبيلة أكثر مدحا، وأوسع تعظيما من إثبات الرئاسة له على المتكلم الواحد، أو الاثنين، أو الجماعة. فيا عجبا من تجويز ما هو أمدح وأوسع، ومنع ما هو دون ذلك! فإن كان في الإضافة إلى خصوص الضمير مزيد معنى يوجب المنع فيا ليت شعري ما هو؟! إن قال: هو احتمال كون المتكلم أراد [١١] بقوله: يا سيدي أو سيدنا معنى الربوبية فكان قال يا ربي، أو يا ربنا، فهذا الاحتمال كائن في قوله السيد أو سيد بني فلان، فإنه يحتمل أنه أراد الرب أو رب بني فلان.

فإن قال المعترض أنه لم يبق هذا الاحتمال في لفظ السيد أو سيد بني فلان، فنقول له: ما وجه ارتفاع هذا الاحتمال؟ إن قال هو كون الخطاب مع فرد أو أفراد من بني آدم فهكذا نقول: إن الخطاب في قول القائل سيدنا أو سيدي مع فرد أو أفراد من بني آدم، وإن قال إن القرينة هي كونه قد أضيف إلى ضمير فرد أو أفراد من بني آدم، فنقول: وكذلك سيدنا وسيدي قد أضيف إلى ضمير فرد أو أفراد من بني آدم، وإن قال إن لفظ سيد بني فلان مسوغ غير ما ذكرناه فما هو؟ ومع هذا فقد تكلم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمضاف إلى الضمير، فقال للأنصار: " قوموا إلى ................