الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين، ونصلي ونسلم على رسولك الأمين، وآله الطاهرين، وصحبه الراشدين.
وبعد:
فإنها قد دلت الأدلة القرآنية، والأحاديث الصحيحة النبوية أن العقوبات العامة لا تكون إلا بأسباب، أعظمها: التهاون بالواجبات، وعدم اجتناب المحرمات، فإن انضم إلى ذلك ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المكلفين به، لا سيما أهل العلم، وأهل الأمر القادرين على إنفاذ الحق، ودفع الباطل كانت العقوبة قريبة الحدوث، ولا حاجة بنا هاهنا إلى إيراد الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، فهي معروفة عند المقصر والكامل.
وإذا عرفت هذا فاعلم أنه يجب على كل فرد لا تعلق له بغيره أن ينظر في أحوال نفسه، وما يصدر عنه من أفعال الخير والشر، فإن غلب شره خيره، ومعاصيه على حسناته، ولم يرجع إلى ربه، ويتخلص من ذنبه فليعلم أنه بين مخالب العقوبة، وتحت أنيابها وأنها واردة عليه، وواصلة عن قريب إليه [١أ].
وهكذا من كان له تعلق بأمر غيره من العباد، إما عموما أو خصوصا، فعليه أن يتفقد أحوالهم، ويتأمل ما هم فيه من خير وشر، فإن وجدهم منهمكين في الشر، واقعين في ظلمة المعاصي، غير مستنيرين بنور الحق، فهم واقعون في عقوبة الله لهم، وتسليطه عليهم، ولا سيما إذا كانوا لا يأتمرون لمن يأمرهم بالمعروف، ولا ينتهون لمن ينهاهم عن المنكر.
هذا على فرض أن داعي الخير لا يزال يدعوهم إليه، والناهي عن الشر لا يزال ينهاهم عنه، وهم مصممون على غيهم، سادرون في جهلهم، فإن كان من يتأهل للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معرضا عن ذلك، غير قائم بحجة الله، ولا مبلغ لها إلى