وقال تعالى: (لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) [آل عمران: ٦٣]. قال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٤/ ٤٧) دلت هذه الآية على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان واجبا في الأمم المتقدمة. * ولقد أثنى سبحانه وتعالى على طائفة من أهل الكتاب فقال: (يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران: ١١٤]. * وجاء في وصية لقمان لابنه: (وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان: ١٧]. لذلك يعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أعظم الواجبات وأجلها وأفضلها، وقد دل على وجوبه الكتاب والسنة، ونقل الإجماع على ذلك النووي في "شرحه لصحيح مسلم " (١/ ٢٢)، وإذا تأملت نصوص الكتاب والسنة وجدت ذلك قد ورد باستفاضة كبيرة وأساليب متنوعة (منها): ١ - ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران: ١٠٤]. ٢ - ) جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الصفات اللازمة للمؤمنين. قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [التوبة: ٧١]. ٣ - ) جعله سببا للخيرية في هذه الأمة. قال تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران: ١١٠]. ٤ - ) جعل تركه سببا لوقوع اللعن والإبعاد. قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ... ) [المائدة: ٧٨]. ٥ - ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للنجاة. قال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ ... ) [هود: ١١٦]. ٦ - ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من أسباب النصر. قال تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ. .) [الحج: ٤١]. انظر: "الآداب الشرعية" (١/ ١٧١ - ١٧٣)، "تنبيه الغافلين" (ص ١٨٥)، "إحياء علوم الدين" (٢/ ٣٠٣ - ٣٠٨)