للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وليي جبريل -عليه السلام-، ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه. قالوا: فعندها نفارقك، لو كان غيره لاتبعناك وصدقناك قال: فما يمنعكم أن تصدقوه؟ قالوا: إنه عدونا من الملائكة، فأنزل الله:} قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ {(١). ففي هذه الأحاديث اعتراف هؤلاء السائلين من اليهود أن تلك المسائل التي سألوه عنها لا يعلمها إلا نبي، وقد أخبرهم بما سألوه وصدقوا في جميع ذلك، فاندفع بذلك شك كل جاحد، وبطل عنده ريب كل ملحد.

٦ - القرآن معجزة الرسول الخالدة:

واعلم أن دلائل نبوة نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يطول تعدادها، ويتعسر ذكرها. وقد صنف أهل العلم في ذلك مصنفات مبسوطة مشتملة على كثير منها. ولو لم يكن منها، إلا هذا الكتاب العزيز الذي جاء به من عند الله - سبحانه- مشتملا على مصالح المعاش والمعاد، وتحدى به فرسان الكلام، وأبطال البلاغة، وأفراد الدهر في العلم هذه اللغة العربية، وقال لهم: ليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين.

ثم قال لهم:} فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ {(٢) ثم قال لهم:} فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ {(٣). فلم يقدروا على ذلك، وكاعوا عنه، وعجزوا على رؤوس الأشهاد، وكان أكابر بلغائهم، وأعاظم فصحائهم، إذا سمعوا القرآن، اعترفوا بأنه لا يشبه نظمهم، ولا نثرهم، وأقروا


(١) [٩٧ - ٩٨].
(٢) [هود: ١٣].
(٣) [البقرة: ٢٣].