للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ببلاغته كما قال الوليد بن المغيرة لما سمع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقرأ:} إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ {. (١) فقال: أعد، فأعاد النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما يقول هذا بشر" (٢). وروى ابن إسحاق (٣) من حديث ابن عباس قال: قام النضر بن الحارث فقال: يا معشر قريش، والله لقد نزل بكم أمر ما ابتليتم بمثله. لقد كان محمد فيكم غلاما حدثا، أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثا وأعظمكم أمانة، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب، وجاءكم بما جاءكم به، قلتم ساحر!! لا والله ما هو بساحر، قد رأينا السحرة ونفثهم وعقدهم. وقلتم كاهن، لا والله ما هو بكاهن، قد رأينا الكهنة وسمعنا سمعهم. وقلتم شاعر، لا والله ما هو بشاعر، لقد رأينا الشعر، وسمعنا أصنافه كلها بهزجه ورجزه وقريضه.

وقلتم مجنون. لا والله ما هو بمجنون، لقد رأينا المجنون. فما هو بخنقه، ولا تخليطه.

يا معشر قريش. انظروا في شأنكم؛ فإنه- والله- قد نزل بكم أمر عظيم (٤).

وروي عن الوليد بن المغيرة (٥) نحو هذا، وروى ابن إسحاق أيضًا أن أبا جهل (٦) قال: إني لأعلم أن ما يقول محمد حق. ولكن بني قصي قالوا: فينا الندوة، فقلنا: نعم، فينا الحجابة فقلنا: نعم. فينا السقاية: فقلنا نعم. وفي لفظ: "تنازعنا نحن وبنو عبد


(١) [النحل: ٩٠]
(٢) أخرجه ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" (١/ ٣٣٤ - ٣٣٦) معلقا، وانظر "الدر المنثور" (٧/ ٣٢٩ - ٣٣١).
(٣) كما في "السيرة النبوية" (١/ ٣٦٩ - ٣٧٠) معلقا.
(٤) كما في "السيرة النبوية" (١/ ٣٦٢ - ٣٦٤).
(٥) كما في "السيرة النبوية" (١/ ٣٦٩ - ٣٧٠) معلقا.
(٦) أخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " (٢/ ٢٠٧).