للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مناف الشرف: أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا، وأعطوا فأعطينا، ثم إذا تجاثينا على الركب، وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء، فمتى ندرك هذه؟ والله لا نؤمن به، ولا نصدقه أبدا.

دع عنك ما حصل للإنس من استعظام أمر القرآن، والتعجب منه وتصديقه!! هؤلاء الجن قد وقع منهم ذلك كما حكاه الله -سبحانه- عنهم في كتابه [٢٩].

وفي الصحيحين (١) من حديث ابن عباس قال: انطلق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ. وقيل: حيل بين الشياطين، وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشهب، فرجعت الشياطين إلى قومهم، فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبن خبر السماء وأرسلت علينا الشهب. قالوا: ما ذاك إلا من نبأ حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها، فمر النفر الذين أخذوا نحو تهامة، فوجدوا النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن استمعوا له، وقالوا: هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء، فرجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا:} إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا {(٢). فأنزل الله -عز وجل- على نبيه محمد- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:} قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ {(٣). والأحاديث في هذا كثيرة جدا.

واعلم أنه قد صنف جماعة من الحفاظ في دلائل النبوة مصنفات اشتملت على أنواع مما فيه الدلالة على نبوة نبينا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعضه يحصل عنده العلم الضروري، فضلا عن كلها. فمن المصنفين في ذلك، الإمام أبو بكر بن عبد الله بن أبي الدنيا، والإمام أبو إسحاق الحربي، والإمام أبو جعفر الفريابي، والإمام أبو زرعة الرازي، والإمام أبو


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٩٢١) ومسلم في صحيحه رقم (١٤٩/ ٤٤٩).
(٢) [الجن: ١، ٢].
(٣) [الجن: ١].