للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكره.

فأما القسم الأول:

وهم الرعايا، فأكثرهم - بل كلهم إلا النادر الشاذ - لا يحسنون الصلاة، ولا يعرفون ما لا تصح إلا به ولا تتم بدونه، من أذكارها، وأركانها، وشرائطها، وفرائضها، بل لا يوجد من يتلو منهم سورة الفاتحة تلاوة مجزئة إلا في أندر الأحوال.

ومع هذا فالإخلال بها والتساهل فيها قد صار دأبهم وديدنهم، فحصل من هذا أن غالبهم لا يحسن الصلاة ولا يصلي.

وطائفة منهم لا تحسن الصلاة، وإنما تصلي صلاة غير مجزئة، فلا فرق بينها وبين من يتركها.

وأما من يحسنها ويواظب عليها: فهو أقل قليل، بل هو الغراب الأبقع (١)، والكبريت الأحمر (٢)، وقد صح عن معلم الشرائع: أنه لم يكن: " بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة " (٣)، فالتارك للصلاة من الرعايا: كافر، وفي حكمه من فعلها وهو لا يحسن


(١) الغراب الأبقع.
قيل: ما خالط بياضه لون آخر، وغراب أبقع فيه سواد وبياض.
وقيل: الغراب الأسود في صدره بياض.
"لسان العرب" (١/ ٤٦١)
(٢) الكبريت الأحمر هو من الجوهر ومعدنه خلف بلاد التبت، وادي النمل الذي مر به سليمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام ويقال في كل شيء كبريت وهو يبسه ما خلا الذهب والفضة فإنه لا ينكسر فإذا صعد أي أذيب ذهب كبريته، والكبريت: الياقوت الأحمر، وهو نادر الوجود.
"لسان العرب" (١٢/ ١٦).
قال في "تاج العروس" (٣/ ١١٤): عن الليث: الكبريت: عين تجري فإذا جمد ماؤها صار كبريتا أبيض وأصفر وأكدر، وقال شيخنا وقد شاهدته في مواضع، منها هذا الذي قريب من الملاليح ما بين فاس ومكناسة يتداوى بالعوم فيه من الحب الإفرنجي وغيره. . .
(٣) أخرجه مسلم رقم (١٣٤) وأبو داود رقم (٤٦٧٨) والترمذي رقم (٢٦١٨) وابن ماجه رقم (١٠٧٨) وأحمد في "المسند" (٣/ ٣٧٠، ٣٨٩) من حديث جابر.
قال النووي في "شرحه لصحيح مسلم " (٢/ ٧٠): وأما تارك الصلاة فإن كان منكرا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين خارج من ملة الإسلام إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه.
وإن تركها تكاسلا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه: فذهب مالك والشافعي رحمهما الله والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ولكنه يقتل بالسيف، وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب وهو أحد الروايتين عن أحمد وبه قال عبد الله وإسحاق بن راهويه وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي.
وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.
انظر تفصيل ذلك في "نيل الأوطار" للشوكاني (١/ ٢٩١ - ٢٩٢)