للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتارة بالفعل، وهو لا يشعر، ويطلق امرأته حتى تبين منه بألفاظ يديم التكلم بها، كقوله: امرأته طالق ما فعل كذا، أو: لقد فعل كذا (١) أو كثير منهم يستغيث بغير الله تعالى من نبي، أو رجل من الأموات، أو صحابي، أو نحو ذلك (٢).

ومع هذا البلايا التي تصدر منهم، والرزايا التي هم مصرون عليها لا يجدون من يأمرهم بمعروف، ولا من ينهاهم [٣ب] عن منكر، وقد صار الأمر والنهي في كل ولاية منحصرا في ثلاثة أشخاص: عامل، وكاتب، وحاكم.

فأما العامل:

فلا عمل له، ولا يسعى إلا في استخراج الأموال من يد الرعايا من حلها ومن غير حلها، وبالحق وبالباطل، وقد استعان على ذلك بالمشايخ الذين هم العرفاء المنصوص من معلم الشرائع على أنهم في النار، فيتسلط كل واحد منهم على من تحت يده من المستضعفين، ويصنع به ما أراد وكيف أحب، وهو مفوض في أموالهم من طريق العامل فيأخذ ما شاء، ويدع ما شاء، وليس الأمر والنهي من العامل إلا في هذه الخصلة على الخصوص، ولم نسمع على تطاول الأيام، وتعاقب السنين، أن فردا من أفراد العمال أمر الرعايا بما أوجبه الله من الفرائض التي لا فسحة فيها؛ كالصلاة والصيام، أو نهاهم عن شيء من المنكرات التي يرتكبونها، بل قد جرت عادة كثير من العمال أن يأخذ إلى مقابل ترك الصلاة والصيام شيئا من السحت.


(١) أخرج أبو داود رقم (٢١٩٤) والترمذي رقم (١١٨٤) وابن ماجه رقم (٢٠٣٩) والحاكم في "المستدرك" (٢/ ١٩٧ - ١٩٨) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاث جدهن جد وهزلن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
وهو حديث حسن.
(٢) انظر الرسالة رقم (٢٤، ٢٥، ٢٦)