للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه أستعين, والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام الأتَّمانِ الأكْملانِ على سيد المرسلينَ, حبيبِ ربِّ العالمينَ, وعلى آله المطهَّرين, ورضيَ الله عن أصحابهِ الراشدينَ, وبعدُ:

فإنه وصل إلىَّ هذا السؤالُ من مولانا العلامةِ المِفْضالِ, جمالِ الكمالِ لا زالتْ فوائدُةُ النفيسة وافدةً على الأعلامِ, ومباحثُهُ الشريفةُ محرَّرَةَ بالأقلام [١] على الدوام.

وأقول: قد تقرَّر عندَ الجمهورِ من أئمةِ العربيةِ (١) أنَّ الواو لمطلقِ الجمعِ من دونِ ترتيبٍ، ولا مَعِيَّةٍ، (٢) فيكونُ المعطوفُ بها تارةً متقدِّمًا على المعطوفِ عليه، وتارةً متأخِّرًا وتارةً مصاحبًا. وقد خالفَ في ذلكَ جماعةٌ من النُّحاةِ كثعلبٍ وابنِ دُرُسْتُويْهِ وغيرِهما (٣) فقالوا: إنها تفيد الترتيب، فيكون المعطوفُ بها متأخرًا عن المعطوف عليه، واحتجُّوا


(١) انظر (شرح كافية ابن الحاجب) (٤/ ٤٠٤ ـ ٤٠٥). (مغني اللبيب) (١/ ٣٩٠ ـ ٤٠٨).
(٢) وهو الصحيح أنها لا تدل علي الترتيب لا في الفعل كالفاء، ولا في المنزلة كثمَّ، ولا في الأحوال كـ (حتى)، وإنَّما هو لمجرد الجمع المطلق كالتثنية.
فإذا قلت: مررت بزيد وعمرو، فهو كقولك: مررت بهما.
(البحر المحيط للزركشي (٢/ ٢٥٣).
قال الرضى في (شرح الكافية) لابن الحاجب (٤/ ٤٠٥): والأصل في الاستعمال الحقيقة ولو كانت ـ الواو ـ للترتيب لتناقض قوله تعالي: {(وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ)} [البقرة: ٥٨].
وقول تعالى في موضع آخر: {وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا} [الأعراف: ١٦١]. إذ القصة واحدة.
وانظر: (جواهر الأدب) (ص١٦٣ ـ ١٧٤).
(٣) كالفراء والكسائي والرّبعي.
ذكره الرضى في (شرح الكافية) (٤/ ٤٠٥).