للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب عن السؤال الأول

وعلى الله ـ سبحانه [وتعالى] (١) في جميع الأمور المعوَّل ـ أن مسمياتِها هي الحروف [١ب] التي توجد في كلام المتكلمين، ورسمِ الراسمين، وهذا ظاهرٌ واضح لا يخفى ولا يحتاج إلى السؤال عنه، لكونه من الوضوح بمحل يعرفه صغار الطلبة. والحاصل أن مسمى كل واحد منها هو نوع مدلوله أعمُّ من أن يوجد في كذا، أو كذا أو كذا.

والدلالة بدليةٌ تطلق على هذا الفرد أو هذا الفرد، وليست بشمولية كدلالة رجل على الذكر من بني آدمَ بدلاً لا شمولاً، وبهذا تعرف اختيار الشقِّ الأول من قوله: هل هي أسماء أجناسٍ أم أسماء أعلام؟ قوله من أي أنواع الأجناس.

أقول: من النوع الذي دلالته بدلية، ولنا أن نختار الشقِّ الثاني، ونجعلَها من أعلام الأجناس، ويكون المقصود منه الدلالة على النوع من حيث هو هو، وإن كان الشق الأول هو الأولى والأحقُّ، وبهذا تعرفُ الجواب عن قوله فهل هي شخصية أو جنسية، فإن اختيار الثاني يدفع السؤال عن النقل أو الارتجال، إلخ.

والجواب عن السؤال الثاني

أن الواضع لهذه الحروف هو الواضعُ لهذه اللغةِ، (٢) قد تكلم أهل العلم في ذلك في


(١) زيادة يستلزمها السياق
(٢) قال ابن جني في (الخصائص) (١/ ٣٣): أمَّا حد اللغة فإنه أصات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم ... وأمَّا تصريفها ومعرفة حروفها فإنها فُعْلة من لغوت: أي تكلمت وأصلها لُغوة ككرة وقُلّةٍ وثُبة، كلها لاماتها واوات. لقولهم كروت بالكرة، وقلوت بالقلة، ولأن ثبة كأنها مقلوب ثاب يثوب وقد دللت على ذلك وغيره من نحوه في كتاب في (سر الصناعة) وقالوا فيها: لغات ولُغُوت، ككرات، وكروت، وقيل منها لغي يلغي إذا هذَى ومصدره اللَّغا قال:
وربِّ أسراب حجيجٍ كُظّمِ ... عن اللغَا ورَفَثِ التَّكلُّمِ
وكذلك اللغو، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} أي بالباطل وفي الحديث: «من قال في الجمعة: صه فقد لغا» أي تكلم.
قال إمام الحرمين في "البرهان" اللغة من لغى يلغَى من باب أضى إذا لهج بالكلام وقيل من لغى تَلْغَى.
قال ابن الحاجب في مختصره: حدُّ اللغة كل لفظٍ وضع لمعنى.
قال الأسنوي في "شرح منهاج الأصول": اللغات: عبارة عن الألفاظ الموضوعة للمعاني. "المزهر في علوم اللغة وأنواعها" للسيوطي (١/ ٧ـ١٥).