للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما ذكره أهل علم الأقلام, فإنهم تعرَّضوا لذكر اللغات, وذكروا حروفها, وفيها زيادة ونقصان, مثلاً في لغة الهنود حرف بين الراء والدال, وفي لغة التركِ حرف بين الجيم والشين, وهكذا أمثال ذلك وما أبردَ هذا السؤالَ وأحقَّه بأن لا يقالَ! وأما:

الجواب عن السؤال الرابع

وهو قوله الألف [والهمزة] هل هما مترادفان أو مفترقان؟ فيقال قد ذكر أهل اللغة (١) ما لو اطلع عليه السائل لم يحرر هذا السؤالَ, فقالوا: الألفَ ضربان ليِّنة ومتحركة, فاللينة نسمى ألفًا, والمتحركة تسمى همزة, فجعلوا الألف هى المقسم, وجعلوا الهمزة قسْمًا من قسمِها. وممن صرَّح بهذا صاحب الصحاح, (٢) وبهذا تعرف الجواب عن قوله وأيُّهما الأصل. وأما:

الجواب عن السؤال الخامس

وهو قوله لِمَ أجمع العلماء اللغة والعدد وغيرهم من المتكلمين على المفرداتِ على الابتداء بحرف الهمزةِ, وهل هذا أمر اتفاقي أو الحكمة؟ (٣)


(١) انظر "مغني اللبيب" (٢/ ٣٧٠).
(٢) (١/ ١٣٣٠).
(٣) كانت العرب تسير على نظام الأبجدية التي اخترعها الآجريتيون والتي تبدأ بحروف (أبجد هوز ... ) وتعد اللغة الأجريتية اللغة السامية الثانية من ناحية تاريخ تدوين النقوش فقد دونت نقوشها حوالي سنة ١٤ ق. م.
وتنسب هذه اللغة إلى مدينة أجريت الواقعة بالقرب من رأس شمرا على الساحل السوري. وقد طور الأجريتيون الكتابة حيث تبعوا برموز قليلة لا يتجاوز عددها الثلاثين. ومعنى هذا أن الأجريتين بسطوا نظام الكتاب, فلم يعد هناك حاجة لتعلم مئات الرموز, بل بسط الأجريتيون الرموز المكتوبة إلى عدد قليل, لقد عبر الأجريتيون عن كل صوت من أصوات اللغة بحرف واحد, ولذا كانت الحروف بعدد الحروف الصوتية الموجودة في لغتهم غير أنهم دونوا للهمزة المفتوحة ثم للهمزة المضمومة ثم للهمزة المكسورة رموزًا مختلفة, وهذا القصور في تدوين الهمزة أصبح ميراثًا تناقلته كل الكتابات السامية الأبجدية فيما بعد.
وبذلك كان الأجريتيون أول من دون أية لغة من اللغات تدوينًا صوتيًا يقوم على أساس استخدام الحرف الواحد ـ دائمًا ـ للوحدة الصوتية, وكانت الكتابة قبلهم إما صورية مثل الكتابة الهيروغليفية أو مقطعية مثل الكتابة السومرية والأكادية, وابتكار الأجريتيين للأبجدية وهى نظام سهل يقوم على أساس صوتي منتظم مكن للإنسانية أن تمضى في ركب الحضارة فالأجريتيون لم يدونوا الحركات على الإطلاق وتقوم كتابتهم على تدوين الصوامت فقط وقد ظلت الكتابات السامية تدون الصوامت فقط على نحو ما فعل الأجريتيون ولا تدون الحركات عدة قرون بعد الميلاد.
لقد اتبع الأجريتيون لأول مرة في التاريخ النظام الأبجدي في تدوين اللغة، وترجع كلمة (أبجدية) إلى ترتيبهم للحروف التي كتبوا بها لغتهم فالحروف انتظمت عندهم وفق الترتيب التالي: "أ ب ج د هـ و. ز ح ط ي ك ل م ن س ع ف ص ق ر ش ت".
وهذا الترتيب هو الأبجدية - لأنه يبدأ بالألف والباء والجيم والدال وقد ظل الترتيب الأبجدي سائداً عند كل الشعوب القي تعلمت الخط من الأجريتيين بصورة مباشرة، وغير مباشرة. وأكثر النظم المعروفة في ترتيب الحروف ترجع بشكل مباشر إلى الترتيب الأبجدي الأجريتي أخذته كما هو أو عدلت فيه قليلاً، فترتيب الحروف على النحو الأبجدي هو ترتيبها في العبرية وجميع اللهجات الأرامية إلى اليوم.
انظر: " علم اللغة العربية " الدكتور محمود فهمي حجازي (ص ١٥٩ - ١٦٠). " دراسات فى فقه اللغة " الدكتور صبحي الصالح (ص ٥٠).