للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمفْجَرةِ.

إذا تقرَّر لكَ هذا فاعلم أنَّ النسبةَ بينَ اسمِ الجنسِ وعلَمِ باعتبارِ ما هُوَ الأَوْلَي من وجوه الفرقِ بينَهما هي أنَّ اسْمَ الجنس أعمُّ مطلقًا مِنْ عَلَمِ الجنسِ، لأنه موضوعٌ للماهيَّةِ مطلقًا، أعمُّ من أنْ يكونَ موجودُهُ ذِهْنًا فقط، أو ذهنًا وخارِجًا، لكنَّه إنِ اعْتُبِرَ دلالتُهُ عليها لا معَ قيدِ فهوَ المطلقُ، وعمومُهُ شموليٌّ كعمومِ كلِّ، وإنْ اعتُبِرَا مع قيدِ الوحدةِ فهو النكرةُ، وعمومُهُ بدليٌّ كعمومِ رجلٍ.

وأمَّا عَلَمُ الجنسِ فهو أخصُّ مُطْلَقًا، لأنَّهُ موضوعٌ للماهيَّةِ الذهنيةِ فقط، التي لا تُعْقَلُ في الخارجِ بحالٍ، وأمَّا عَلَمْ الشخصِ فهوَ ما وُضِعَ لفردٍ معيَّنٍ من أفرادِ الماهيَّةِ بحيثُ لا يتناولُ غيرَهُ، فهوَ أخصُّ مطلقًا من اسم الجنسِ وعلَمِهِ.

وأمَّا باعتبارِ اللغةِ فالفرقُ ظاهرٌ لا يخفى، لأنَّ علَمَ الجِنْسِ ما وُضِعَ للدلالة علي الجِنْسِ بعينِهِ دونَ غيرهِ، واسمُ [٣] الجِنْسِ ما وُضِعَ للدلالةِ على الجنسِ مطلقًا. وأما الفرقُ بينَ اسمِ الجنسِ واسْمِ الجمع ِ فقد قال المحقِّقُ الرَّضِيُّ في بابِ الجمعِ: والفرقُ بينَ اسمِ لجنسِ واسمِ الجمعِ مع اشتراكِهما في أنَّهما ليسَا على أوزانِ جموعِ التكسير (١) لا الخاصَّةِ بالجمعِ كأفْعِلَةٍ وأفْعالٍ، ولا المشهورةِ فيهِ كفعلهَ نحوه (نسوة) أنَّ اسْمِ الجمعِ لا يقعُ على الواحدِ والاثنينِ، بخلافِ اسْمِ الجنسِ، وأن الفرْقَ بينَ واحدِ اسْمِ الجنسِ وبينَه فيما له واحدٌ أنَّه يُميَّزُ إمَّا بالتاء أو بالياء، بخلافِ اسْمِ الجمعِ انتهي.

ويُشْكِلُ على هذا الفرقِ الكَلِمُ، فإنَّه مما يُميَّزُ واحدُه بالتاء، ولا يقعُ في الاستعمال إلاَّ على ما فوقَ الاثنينِ، كما صرَّحَ بهِ الرَّضيُّ نفسُهُ في أوَّلِ شرْحِهِ للكافيةِ، فملاحظةُ عدمِ صحةِ إطلاقِهِ إلاَّ على ما فوقَ الاثنينِ يُلْحِقُهُ باسْمِ الجمعِ، وملاحظةُ تبيُّنِ واحدِهِ بالتاء يُلْحِقُهُ باسمِ الجنسِ، اللَّهمَّ إلاَّ أنْ يُجْعَلُ الكلِمُ واسطةً بينَهما كما قال ابن هشامٍ في أوضح المسالك (٢) أنَّه اسْمُ جِنْسٍ جَمْعيٍّ، ومعنى كونِه اسْمِ جِنْسٍ أنه يدلُّ علي جماعةٍ


(١) انظر (شرح شافية ابن الحاجب) (٢/ ١٩٢ ـ ١٩٦).
(٢) (١/ ١١٣).