للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي جعل في لغةِ العربِ من الأسرار واللطائفِ الدالّة على بديع الصُّنْعِ وعظيمِ الاقتدار ما ينبهِرُ له الأولياءُ الفحول وتتحيَّر عند الله من أكرم جيل وأشرقِ جَبيل، بأفصح لسان وأوضحِ بيان وعلى آله وأصحابهِ الذين هم القادةُ لأهل اللسان والسِّنان، والسادةُ للمتصرِّفين بالبناء في العِنان عند الرِّهان وبالبيان للبرهان من السنة والقرآن.

وبعدُ:

فلما كان علمُ الاشتقاقِ من أنفس العلوم المتعلقةِ بلغة العربِ وألطف المعارفِ التي من سبق إليها وتوفّر حظُّه منها الذي يملأ دلْوَ المُساجلة إلى عُقَد الكَرَب وإن كان أحضَرَ الجلدةِ في بيت العرب، وكان مما لم يُفْرِدْه أهلُ العلم بالتصنيف ولا دوَّنوه علي جهة الاستقلالِ بالتأليف بل عامةُ ما وقفْنا عليه وانتهى علمُنا إليه مباحثُ نَزْرةٌ وفصولٌ مختصَرةٌ كما سنوضح لك ذلك إن شاء الله ـ استعنْتُ بالله تعالى وأفردْتُ هذا الفنَّ الشريفَ بهذا المختصر اللطيف لِيَمشيَ على منواله الراغبون في لغة العربِ المتشوِّقون إلى الوقوف على أسرارها الشريفةِ ونُكَتِها اللطيفة، فيقتدروا بذلك علي رد بعضِها إلى بعض واستخراجِ بعضِها من بعض وسمَّيتُ هذه المختصرَ (نُزْهةَ الأحداق في علم الاشتقاق) ومن الله أستمدّ الإعانةَ وبيده الحولُ والقوة.

اعلم أرشدني الله وإياك إلى الصواب [١أ] أن الاشتقاقَ في اللغة يطلق على معانٍ.

قال في القاموس (١): والاشتقاق أخْذُ شِقِّ الشيءِ والأخذُ في الكلام وفي الخصومة يمينًا وشمالاً وأخْذُ الكلمةِ من الكلمة.

وفي الاصطلاح (٢): قيل هو أن يجدَ بين معنى اللفظين تناسُبًا في المعنى والتركيبِ فيُردَّ


(١) (ص١١٥٩).
(٢) انظر (معجم البلاغة العربية) (ص٣١٤ ـ ٣١٥)، و (الكوكب المنير) (١/ ٢٠٦).