للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنه التُّرْفَهُ لأنها إلى اللّين والضَّعْف، وعليه قالوا الطَّرَف لأن طَرفَ الشيءِ أضعفُ مِن قلبه وأوسطِه.

ومنه الفردُ لأن [المفْرَدَ] (١) إلى الضَّعف والهلاكِ ما هو.

ومنه الفتورُ للضَّعف. والرَّفْتُ للكَسْر. والرَّديفُ لأنه ليس له تمكُّن الأوْل.

ومن ذلك الطِّفْلُ: للصبيُّ لضَعفه. والطَّفْلُ للرّخصْ وهو ضدُّ الشَّثْنِ، والتَّفَلُ: للريحُ المكروهةُ فهي منبوذةٌ مطروحةٌ وينبغي أن تكون الدِّفْليَ من ذلك لضعفه عن صلابة النَّبْعِ.

ومنه الفَلْتة لضعف الرأي وفَتْلُ المِغْزل لأنه تَثنٍّ واستدارةٌ، وذاك إلى وهْنٍ وضَعْف. والفَطْرُ الشَّقُّ وهو إلى الوهن.

هذا حاصلُ كلامِه (٢) مع اختصار، وفيه ما يَزيدُك بَصيرةً بما ذكرناه سابقًا وجَمَعْنا هذا المختصر له مِنْ أن التوافُقَ في بعض [١١أ] الحروف بين الكلمتين لا يكون إلاَّ لمعنى يجمَعُهما قريبًا أو بعيدًا بحسَب تقاربُ الحروفِ بل مجرّدِ تقارُبِ مخارجِ الحروفِ، ويكون بينها اتصالٌ من وجْهٍ لا يكون إلاّ لجهة جامعةٍ بينهما باعتبار المعاني كما قدَّمنا في تركيب ع ص ر وتركيب أزل وهكذا في تركيب أزم وتركيب ع ص ب وهكذا تركيبُ غ د ر وتركيبُ خ ت ل وسائرُ ما ورد هذا المورِدَ، وقد قدّمنا إيضاحَه، وإذا عرفْتَ ما أوردناه في هذا المختصر حقَّ معرِفَته وتدَبَّرْتَه حقَّ تدبُّرِه اطَّلعْتَ على ما في هذه اللغةِ الشريفةِ من الأسرار السَّرِيّة والنُّكات الفائقةِ، واللطائفِ الرائقةِ، والإحكام البديع، والإتقان البالِغ، وسلامةَ أفهامِهم وأنهم أشرفُ طوائفِ هذا النوع الإنسانيِّ وأكرمُ بني آدمُ وأفضلَ البشرِ عُقولاً وقلوبًا وأفعالاً وأقوالاً وإصْدارًا وإيرادًا هذا على ما هو المذهبُ الحقُّ من أنهم الواضعون له لهذه اللغةِ الفائقةِ البالغةِ في الإتقان إلى حد تتقاصر عنده عقولُ المُرْتاضين بالعلوم


(١) الذي في الخصائص [المنفرد].
(٢) أي ابن جنِّي في الخصائص.