للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[البحث الأول

الفرق بين المعذرة والتعذير]

أما البحث الأول: فاعلم أن التعذير مصدرُ عذَّر بتشديد الذالِ المعجمة، ومعناه عند أهل اللغة عدمُ ثبوتِ العذرِ.

قال في القاموس: (١) (عذَر تعذيرًا لم يثبتْ له عذْرٌ) انتهى.

ومنه قوله تعالى: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ} (٢) أي المقصرون الذين لا عُذْر لهم، كما صرح بذلك أئمة التفسير، (٣) ومصدره (التعذير)، فمراد العلامة الزمخشري (٤) بقوله: (إن بني إسرائيل نهوا عن المنكر تعذيرًا) أي أَنهم لم يُنْهَوْا عن المنكر لقصد القيامِ


(١) (ص٥٦١).
(٢) [التوبة: ٩٠].
(٣) انظر: (الجامع لأحكام القرآن) (٨/ ٢٢٨ ـ ٢٢٩).
قال الراغب الأصفهاني في (مفردات ألفاظ القرآن) (ص ٥٥٥ ـ ٥٥٦):
العُذرُ: تحرِّي الإنسان ما يمحو به ذنوبه ويقال: عُذْرٌ وعُذُرٌ وذلك على ثلاثة أضرب:
إما أن يقول: لم أفعلْ، أو يقول: فعلت لأجل كذا، فيذكرُ ما يخرجه عن كونه مذنبًا. أو يقول: فعلت ولا أعود، ونحو ذلك من المقال. وهذا الثالث هو التوبةُ، فكل توبة عُذرٌ وليس كل عُذر، واعتذرت إليه: أتيت بعذر، وعَذَرتْه عذره قال تعالى: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا} [التوبة: ٩٤].
والمُعذِّر: من يرى أن لا عذْرًا ولا عُذْر له. قال تعالي: {وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ} [التوبة: ٩٠] وقرئ: المُعْذِرون، وقوله: {قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٦٤]، فهو مصدر عذَرْتُ، كأنه قيل: اطلب منه أن يعذرني وأعذر: أتى بما صار به معذورًا، وقيل: أعذَرَ من أنذر أتى بما صار به معذورًا.
وقال بعضهم: أصل العُذْر من العَذِرة وهو الشيء النجس.
(٤) في الكشاف (٢/ ١٢٢).