للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي لاح لي أن الحقَّ في جانب السعدِ، وأن الصوابَ بيده، ولما كان هذا قد خفي على غالب المحصلينَ لكون الشريفَ قد أطالَ ذيلَ المقالِ، وتنوع في مسالك الجدالِ، واستكثر من الدفع والإبطالِ خصوصًا في حاشيتِه على المطوَّل، فإنه حكى هذه المباحثةَ، وأطنبَ إطنابًا لا يحتملُهُ المقامُ، ولا يقتضيه البحثُ. وليس للسعد في هذا البحثِ إلا ما تكلم به في حاشيته على الكشاف من تلك الكلماتِ المختصرةِ، وما نقله عنه خصمهُ في غضون كلامه.

وبعد الجواب الموجز طلبَ مني أولئك الأعلامُ إيضاحَ الكلامِ في هذا المقام، بل منهم من حرر سؤالاً نفيسًا، وبحثًا شريفًا، وهو سيدي العلامة يحيى بن المطهر بن إسماعيلَ (١) ـ كثر الله فوائده ـ.

وها أنا أجلُو عليك ما أفوّض أمرَهُ إليك في الترجيح والتجريح، والإبطال والتصحيح مبتديًا بنقل كلام الزمخشري، وإيضاحِ معناه، ثم كلام السعد في حاشيته على الكشاف، ثم كلامِ الشريفِ في حاشيته على الكشاف أيضًا، ثم كلامِه الطويلِ في حاشيتهِ على المطوَّلِن مبينًا لك ما ينبغي بيانُه، متعقِّبًا ما يستحقُّ التعقيبَ. ولولا الثقةُ مني بإنصاف أولئك الأعلام، وما عرفته من رسوخهم في المعارفِ، وثبوتِ أقدامهم في التحقيق، وما تحققتُه من أنهم ممن ينظر إلى القول لا إلى قائِله لم أتعرَّضْ للدخول بين هذينِ الفحلينِ، ولا سلكتُ هذا المضيقُ بين ذينكِ الجبلينِ.

فأقول: قال العلامة الزمخشري في كشافه (٢) ما لفظه: ومعنى الاستعلاء في قوله: {عَلَى هُدًى} مثلٌ لتمكُّنهم من الهدى، واستقرارِهم عليه، وتمسُّكِهم به، شُبِّهَتْ حالُهم بحال منِ اعتلى الشيءَ وركبَه ونحوِه. هو على الحقِّ وعلى الباطل.


(١) تقدمت ترجمته.
(٢) (١/ ١٥٩).