معتبرةً معها ملاحظَةً في ضمن ألفاظٍ متعددة، فوقع في مضيقٍ أضيقَ من المضيقِ الأول ـ أعني دعوى أن معنى الاستعلاء مفردٌ ـ وجاء بكلام يخالفُ ما عند أهل الفن مع ما فيه من التكلُّف الذي يمجُّه كلُّ طبعٍ سليمٍ، وينفِرُ عنه كلُّ فهم قويمٍ، ثم اعتمد في دفع ما استدَّل به خصمُه من تكرُّر ذلك في الكشافِِ، وفي كلام السكاكيَّ على مجرَّد الدعوى كقوله: ليس فيها إلا تشبيهُ حالِ المكلَّف بحال المرتجي.
ثم جاء: بمغالطة بينةٍ فقال: والحالُ أعمُّ من المفرد والمركب كما لا يخفى.
فيقال له: هذه الحالُ التي زعمت أنها أعمُّ هل هي الحال المذكورةُ في عبارة السكاكي هنا أم في غيرها؟ فإن قال بالأول فقد سلَّم أن هذه الحالَ تكون مركبةً كما تكون مفردةً، ولم يبرهنْ على أنها مفردةٌ فقطْ، فكان كلامه مصحِّحًا لما ادَّعاه خصْمُه، وليس المراد إلا وجودَ المصححِ، فإنه إذا كان ما قاله خصمُه صحيحًا بوجهٍ من الوجوه، وعلى اعتبار من الاعتبارات، لم يبقَ مسوِّغ للاعتراض عليه، ومثلُ هذا لا يخفى على مثل هذا الإمامِ.
ولكن ما عرض في المقام بينَه وبين ذلك الإمام من الخصامِ قد تسبَّب عنه مثلُ هذا، ولا سيما إذا صحَّ ما يقال من أن هذه المباحثةَ بينهما كانت بمقامِ السلطان تيمورلنك. وإن قال بالثاني فهو مع كونه خلافَ مدلول هذه الكلمةِ لغةً واصطلاحًا لا ينفعهُ ولا يضرُّ خصمَه ...
قال: فإن قلت: إذا جُوِّز في التمثيل أن يكون طرفاهُ مفردَيْن مع تركُّبِ وجهه أمكنَ أن تجامعَ الاستعارةُ التبعيةُ في الحروف والأفعال.
قلت: نعم لكنَّ الحقَّ استلزامُ التمثيلِ تركُّبَ طرفيهِ، فإن المتبادَرَ من قولهم: التمثيلُ ما وجههُ منتزعٌ من عدة أمورٍ انتزاعُ وجهِهِ من عدة أمور في كل من الطرفينِ، وإن أمكن أن يُرادَ انتزاعُهُ من أمور هي أجزاؤه كما في الهيئة المنتزعةِ التي تجعلُ مشبَّهَةُ أو