للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السؤالَ، وحاصلُه: إن التركُّبَ بحسب المعنى واجبٌ، وأما بحسب اللفظ فلا، وهو لم يتقدَّم له إلا الكلامُ على أن معنى الاستعلاء مفردٌ، وأن ذلكَ هو المانعُ، وعليه مصبُّ الاعتراضِ، لكنه تبيَّن له أن ذلك لا ينفعُه ولا يضرُّ خصمُه، فعاد إلى اعتبار تركُّبِ اللفظ ثم حقَّق معنى كون اللفظِ مفردًا ومركَّبًا بما لم يقعْ في كلامِ غيرِه من أهل العلم، فاعتبر في المفردِ أن يُلاحظَ ملاحظةً واحدةً في ضمن لفظ واحدٍ، وفي المركب أن يلتفتَ إلى أشياءَ متعددةٍ، فيقال له: على تسليم هذا الكلام الجاري على غير قوانين الأعلام، فهل ثمَّ مانعٌ في المقام الذي نحن فيه من أن يلتفت من الاستعلاءِ إلى أشياء متعددة، وهي الراكبُ [٨] والمركوبُ والركوبُ، وإن قلتَ نعم فأيُّ جدوى بهذا الكلام؟ وإن قلت: لا فأخبرنا عن المانع من ذلك؟

ثم انظر كيف أورد على نفسه قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا}. وكان ورودُ هذا عليه أوضحَ من الشمسِ، فإن أفرادَ الطرفينِ معلومٌ لكل أحدٍ فأجاب عنه بمراوغة لا تغني من الحقِّ شيئًا. وقال: إن الحالة المختصَّة المشبهةَ إنما تفهم من ألفاظٍ مقدرةٍ ... إلخ.

فيقال له: فكان الاعتذارُ للسَّعدِ بمثل هذا العُذرِ، وتوجيهُ كلامِه بمثل هذا التوجيهِ يكفيك مَؤُنَةَ الاعتراضِ عليه، ويدفع عنه ما ناله بسببك من تلك القلاقلِ والزلازلِ.

فإن قلتَ: إن هذا الفهمَ من الألفاظ المقدَّرة تختصُّ ببعض الألفاظ المفردةِ، وهو لفظ المثل مثلاً دون لفظِ الاستعلاء، فما الدليل على هذا؟ هذا على فرض صحةِ هذه الدعوى، وصلاحيةِ مثلِ هذه المراوغةِ، وإن كانت من البُطلانِ بمكان لا يخفى، ومن الفساد بمحلٍّ بيِّن.

وهاهنا انتهى الكلام على كلام الشريفِ في حاشية الكشاف. وسنشرعُ الآن بمعونةِ الله في الكلام على كلامِه في هذا البحثِ في حاشيته على المطولِ، (١) وهو إن كان قد


(١) (ص٣٩١ ـ ٣٩٨).