للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزعم في مثل محلِّ النزاع أن هناك ألفاظًا محذوفةً بعد اعترافه بصلاحيتِه للاستعارة التمثيليةِ هو الذي يتعيَّن عليه الاستدلالُ على ما ادَّعاه، أو يصحِّحُ النقلَ عن أئمة الفنِّ إن كان ذلك نقلاً عنهم، ولم يأت بشيء يصلحُ لذلك مجرَّد إلا الدعاوى.

انظر كيف قال في هذا المقامِ مستدلاً على ما أسلفه من تعدد الألفاظ أنه لا مساغَ لأن يُقال: اسْتُعيرتْ كلمةُ (على) وحدَها من الهيئةِ الثانيةِ للهيئة الأولى، وذلك لأنَّ الهيئةَ الثانيةَ ليست على معنى (على)، ولا متعلَّق بمعناها ... إلخ ... وأنت تعلمُ أن هذا هو عينُ محلِّ النزاعِ، فإن الاستعلاء الذي هو معنى (على) بالاتفاق معناهُ متعدِّدٌ كما تقدم تقريره غير مرة، وكلامُ الزمخشري وشُرَّاح كلامِه إنما هو في معنى الاستعلاء كما هو مصرح به، وهذا التعدد في المعنى لا يستلزم أن يكون الدالُّ عليه ألفاظًا متعددةً لا لغة ولا عقلاً، ولا اصطلاحًا.

وبالجملة فمن أنصف علِمَ أنه لم يكن بين يدي السيد المحققِ في هذا البحث إلا مجرَّد تكرير الدعاوى والمصادراتِ.

قال: فإن قلتَ: لما كان معنى الاستعلاء مستلزمًا لفهم المعتلي والمعتلى عليه كانت كلمةُ (على) دالةً على مجموع الهيئةِ، فلا حاجة إلى تقدير ألفاظ أُخَرَ ... قلتُ: فَهْمُ المعتلي والمعتلى عليه من الاعتلاء، إنما يكون تبعًا لا قصدًا، وذلك لا يكفي في اعتبار الهيئة، بل لا بد أن يكون كل واحد منهما ملحوظًا قصدًا كالاعتلاء لتُعْتَبَر هيئةً مركبةً منهما، وهما من حيث إنَّهما يلاحظَانِ قصدًا مدلولاً لفظين آخرين فلا بدَّ أن يكونا مقدَّرين في الإرادة، وإما تقديرهما في نظم الكلامِ فذلك غير واجب، بل ربما كان تقديرهما موجبًا لتغيُّر نظمهِ.

أقول: لما استشعر بسقوط ما ذكرَه من أنه لا دلالةَ لمعنى (على)، ولا لمتعلَّق معناها ـ على الهيئةِ أوردَ على نفسهِ هذا السؤالَ الذي لا يتلقَّاه المنصفُ بغير التسليم والاعتراف، وتحاشي عن دفْعِه، وردِّه لكونه [١٥] بمكان من الظهور لا يخفى، فاعترف بفهم الهيئةِ من معنى الاعتلاء، وتخلُّص عند بدعاوى ثلاث: