للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستعمال، فلا تكون هناك حينئذ استعارةٌ تبعيةٌ في كلمة (على)، كما لا استعارةَ تبعيةً في الفعل في قولك: (وتقدَّم رِجْلاً وتأخَّر أخرى) إلا أنَّه اقتصر في الذكر من تلك الألفاظِ على كلمة (على)، لأن الاعتلاءَ هو العمدةُ في تلك الهيئة، إذ بعد ملاحظته تقرُّبِ الذهن إلى ملاحظة الهيئةِ، واعتبارِها، فجعلَ كلمةَ (على)، ولا مساغَ لأنْ يقال اسْتُعيرتْ كلمة (على) وحدَها من الهيئة الثانيةِ للهيئة الأولى، وذلك لأن الهيئة الثانيةَ ليست بمعنى (على)، ولا متعلَّق معناها الذي تسري الاستعارةُ منه إلى الأولى، والهيئة الأولى ليست مفهومةً منها وحدَها، فكيف تستعار هي من الثانية للأولى!

أقول: قد تقدم الكلامُ على هذا، وقد اعترف بأن محلَّ النزاع يضيق لاعتبار الاستعارةِ التمثيليةِ، وذلك مطلوب.

وأما قوله: وعلى هذا ينبغي أن يذكر جميعَ الألفاظِ ... إلخ فهذ دعوى مجردةٌ، فإن كان عليها دليل من كلام أهل الفن فما هو؟ فإنه لم يكن في كلامهم ما يُشعرُ بتعدد الألفاظ في نص قطُّ، بل نصوصُ أكابرِ الأئمةِ كالزمخشري والسكاكي مصرِّحةٌ بخلاف ذلك كما تقدم بيانه، ومحلُّ النزاع أعني اجتماعَ الاستعارةِ التبعيةِ والتمثيليةِِ قد دل عليه الاستقراءُ كما ذكره الفاضل اليمني، فما بقي حجةٌ. فإنْ كان الشريف يوجب تعدُّدَ اللفظ في كل طرف كما يشعر به كلامُه هنا وفيما تقدَّم، وفيما سيأتي مستدلاً على ذلك بما وقع في كل طرف كما يشعر به كلامُه هنا وفيما تقدَّم، وفيما سيأتي مستدلا على ذلك بما وقع في كلام أهل الفن: إن الاستعارةَ التمثيليةَ تشبيهُ هيئة بهيئةَ، وأن الهيئة لا يتعدَّد عليها ما كان مفردًا من الألفاظ.

فاعلم أن هذا مصادرةٌ ظاهرةٌ، فإن ذلك هو محلُّ النزاع كما تقدم الكلام عليه غيرَ مرَّة، والخصمُ يقول: إن الاعتبار بتعدد المأخذِ كما تقدم، وبقول أن تعدُّدَهُ لا يستلزم تعددَُّ الدالِّ عليه، ويستدل على هذا بنصوص أئمةِ الفنِّ واستعمالاتِهم، وإن كان لا يحتاج إلى الدليل بل يكفيه قيامُه في مقام المنعِ، فإن الذي جاء بدعوى اعتبار التعدُّد فظًا،