للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى غير ذلك مما يتعسَّر حصْرُهُ. وعرف بهذا غلطُ من زعم أن حديثَ عمر متواترٌ إلا أن حُمِلَ على التواتُر المعنوي فيحتمل ... نعم قد تواتر عن يحيى بن سعيد، فقد حكى الحافظ (١) النقاش أنه رواه عن يحيى بن سعيد مئتان وخمسون نفسًا، وسرد أسماؤهم القاسمُ بن منده فجاوزَ عددُهم ثلاثمائةٍ. وروي عن الحافظ الهروي أنه قال: كتبته من حديث سبعمائة من أصحاب يحيى.

إذا عرفتَ هذا علمتَ منه جوابَ سؤال السائل ـ عافاه الله ـ فهذا [٦] من قسم الغريبِ الصحيح المشهورِ المتلقَّى بالقبول، لا كما قال أبو جعفر الطبريُّ أن هذا الحديثَ قد يكون على طريقة بعضِ الناسِ مردودًا لكونه فردًا ... انتهى. (٢)

فإن هذا إنما هو إشارةٌ منه إلى قول من يقول أنه يعتبرُ في عدد الرواية ما يعتبر في عدد الشهادةِ، فلا يُقبل إلا ما رواه اثنان فصاعدًا عن اثنين فصاعدًا، وليس هذا بمعتبرٍ عن أحد من أئمة الحديثِ المعتبرينَ، وإنما قال به بعضُ أهل الأصول، وهو قول مدفوعٌ.

وأما ما رواه جماعةٌ عن البخاري أن شرطَهُ أن يروي الحديثَ عن رسول الله صلي الله عليه وسلم صحابيانِ ويروي عن الصحابيين أربعةٌ، وعن الأربعةِ ثمانيةٌ، فهذا نقلٌ، وروايةٌ مدفوعةٌ، فإن هذا الحديثَ الذي سأل عنه السائل ـ عافاه الله ـ هو أولُ حديث في البخاري. (٣) وقد تفرد به واحدٌ من الصحابة عن رسول الله ـ صلي الله عليه وآله وسلم ـ وتفرَّد به عن الصحابي الواحدِ واحدٌ من التابعينَ، وتفرد به عن التابعيِّ واحدٌ كما عرفت.


(١) ذكره الحافظ في (الفتح) (١/ ١١ ـ ١٢).
(٢) كلام الحافظ في (الفتح) (١/ ١١ ـ ١٢).
(٣) في صحيحه (١/ ٩ رقم ١) وأطرافه (٥٤، ٢٥٢٩، ٣٨٩٨، ٥٠٧٠، ٦٦٨٩، ٦٩٥٣).