للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال السائل ـ كثر الله فوائده ـ ...

السؤال الثالث: ما يقول القاضي في رجل قال لزوجته: (إن وطِئْتُكِ فأنت طالق) هل تطلُق لمجرد الإيلاجِ، أو بعد الإخراجِ، أو قبلَ الوْطئ؟ وإن قلتُم أنه لمجرد الإيلاجِ هل يحدُّ في إخراجه أو لا يحدُّ؟ أفتونا مأجورينَ.

أقول: تعليقُ الطلاق بالوطئ صحيحٌ عند الجمهور، (١) وخالف في ذلك البعضُ ثم اختلف القائلون بالصحةِ بماذا يقعُ الطلاقُ؟ فقيلَ يقعُ بالتقاء الختانين بناءً على أن ذلك قد صار حقيقةً عرفيةً (٢) للوطئ، وقيل بكمال الإيلاج، فإذا وقع الالتقاءُ للختانينِ عند الأولينِ وقعَ الطلاق، فيكف عن الإيلاج، فإن فعل [٧] كان الإيلاج رجعةً في الطلاق الرجعيِّ، وأما في البائن فقيل يجب الحدُّ ...

ولا وجه لذلك، فإن الزِّنا هو إيلاج فرجٍ، وتتمةُ الإيلاج ليست بإيلاج، بل جزءُ إيلاج. هذا عند أهل القولِ الأولِ.

وأما عند أهل القولِ الثاني وهو المعتبرون للإيلاج، فقيل: يجوزُ له النزعُ، ولا يكون آثمًا ولا زانيًا لأنه لا يمكنه الخروجُ من الحرام إلا بذلك. وقيل: يجبُ عليه الحدُّ وهو فاسدٌ لأن الزنا إيلاج فرجٍ في فرجٍ، والنَّزعُ ليس بإيلاج، والمسألة مبسوطةٌ في علم الفروع، والكلام فيها مقررٌ في مواطنه.

وعندي أنه إذا علَّق الطلاقَ بالوطئ جازَ له أن يطأها حتى يُنزلَ، لأنه يصدقُ على ذلك أنه وَطئٌ لغةً وشرعًا، وهو معروف في لغة العرب، وفي لسان الشرع، إلا أن يريدَ وطئًا يوجِبُ الغسلَ فقد ثبتَ عن الشارعِ أنه إذا لاقى الختانُ الختانَ فقد وجب الغسلُ (٣)


(١) انظر (المغني) (١٠/ ٤٨٢).
(٢) تقدم تعريفها.
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٨٨/ ٣٤٩) من حديث عائشة رضي الله عنها. ?
قال ابن قدامة في (المغني) (١٠/ ٤٨٢): وإذا قال لامرأته: إن وطئتك فأنت طالق. انصرفت يمينه إلى جماعها.
وقال محمد بن الحسن: يمينه على الوطء بالقدم. لأنه الحقيقة. وحكى عنه أنّه لو قال: أردت به الجماع. لم يقبل في الحكم.
ولنا: أنَّ الوطء إذا أضيف إلى المرأة كان في العرف عبارةً عن الجماع.
ولهذا يفهم منه الجماع في لفظ الشارع في مثل قول النبي صلي الله عليه وسلم: «لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تستبرأ بحيضة» ـ تقدم تخريجه ـ فيجب حمله عند الإطلاق عليه، كسائر الأسماء العرفيّة، ولا يحنث حتى تغيب الحشفة في الفرج وإن حلف ليجامعها أو لا يجامعها انصرف إلى الوطء في الفرج ولم يحنث بالجماع دون الفرج، وإن أنزل، لأنَّ مبنى الأيمان على العُرف والعرف ما قلناه .... ).