للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كرر الطلبَ لهم مغضَبًا، فقام عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ فقال: رضينا بالله ربًّا، والإسلام دينًا، وبمحمدٍ رسولاً، فسكن. والحديث في الصحيح. (١)

وقد ورد في حديث صحيح تعليلُ كراهةِ كثرةِ المسائلِ بأنْ يتسبَّبب السائلُ لإيجاب حكم لم يجب وإثبات شرع لم يثبتْ.

وأفاد ذلك جوازَ المسائل التي لا تستلزمُ مثلَ ذلك، بل جوازَ ما لم يتعلق بأمر الدين منها، ويؤيد ذلك حديثُ ابن عمر الثابت في الصحيح، الذي ترجم عليه البخاري بقوله: باب طرحِ المسألةِ.

وقد كان كثيرٌ من السلف يكرهون المسائلَ التي هي من نوع الأغلوطاتِ، ومن جنس ما لم يكن للناس إليه حاجةٌ.

وقد كان كثير منهم لا يجيبُ في مثل ذلك، ولا يلتفت إليه.

وأمَّا علماء المعقول فقد استكثروا من ذلك، ووضعوا له مؤلَّفات مستقلةً، فإن أرسطا طاليس (٢) صنَّف كتابًا مستقلاً في بيان الأمور التي يُقْصَدُ بها التمويهُ، وذكر جميع


(١) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٤٦٢١)، ومسلم رقم (١٣٤/ ٢٣٥٩) من حديث أنس بن مالك قال: بلغ النبي صلي الله عليه وسلم عن أصحابه شيءٌ فخطب فقال: «عرضت على الجنة والنار، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً وبكيتم كثيرًا» قال فما أتي على أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أشدّ منه، قال: غطوا رءوسهم ولهم خنينٌ، قال: فقام عمر فقال: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا. قال: فقام ذاك الرجل فقال: من أبي؟ فقال: (أبوك فلان) فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (٩٢)، ومسلم رقم (١٣٨/ ٢٣٦٠) عن أبي موسى قال: سُئل النبي صلي الله عليه وسلم عن أشياء كرهها. فلمَّا أُكثر عليه غَضِبَ. ثم قال للناس: «سلوني عم شئتم» فقال رجل: من أبي؟ قال: «أبوك حذافةٌ» فقام آخر فقال: من أبي؟ يا رسول الله، قال: «أبوك سالم مولى شيبة» فلما رأى عمر ما في وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم من الغضب قال: يا رسول الله إنّا نتوب إلى الله.
(٢) أرسطاليس: ومعناه محب الحكمة، ويقال الفاضل الكامل. وهو أرسطاليس بن نيقوماخس بن ماخامرون. ومن ولد اسقليبادس الذي اخترع الطب لليونانيين. وكان اسم أمه افسيطياء، وترجع إلىاسقلبيادس، وكان من مدينة لليونانيين تسمى اسطاغاريا. وكان أبوه نيقوماخس مطببًا لفيلبس أبي الأسكندر. وهو من تلاميذ أفلاطون ـ عاش ما بين (٣٨٢ ـ ٣٢٢ ق. م).
من مصنفاته: الجدل. العبارة أو التفسير. السماء والعالم ..
انظر: (الفهرست) لابن النديم (ص٣٤٧)، (تاريخ الفلسفة اليونانية) (ص١٧٩) ليوسف كرم.