وإن أراد المشابهةَ في كل الوجوه ففي صور الاعتبارات، ووجوه عدم تزاحُمِ المقتضياتِ ما يوضَّحُ له هذه [٤ب] المقامات، ثم نقول: ما وجه الحصر في النوعين؟ وأي دليل على عدم وجود ثالث للقسمين؟ فإن قال: من العقل، فما هو؟ وإن كان من استقراء أقسام الكلام فأين هو؟
قال: مسألة: وما قضايا حوتْ ثلاثةَ الآلفِ في الحسبانِ.
أقول: لما أطلق القضايا ولم يبينْ لها عددًا، ولا أوضح لها مدَدًا لم يمتنع أن يقال أنَّ هذه القضايا مساويةٌ لما حوتْ مساواةً يطيحُ عندها الإشكالُ، ويطير ببيانها طائرُ الإعضالِ، أو مساوية لمخرج من مخارجها القريبةِ أو البعيدة، مع تكثُّر وجوه الحاوي وتنوُّعه إلى المقدارِ المساوي، ثم نقول على مقتضى هذا الإهمال، ما قضيةٌ واحدة صحيحة القاعدةِ حوتْ ما لا ينحصرُ في الحسبان؟ وما أخرى حوت بالاجتلابِ ألفَ ألفِ ألفِ ثلاثَ مرَّاتٍ؟
قال: وما شكل ثانٍ اتفقت مقدِّمتاه إيجابًا وسلبًا فأنتج دون ما عداه؟ أقول: جواب هذا السؤال قد أرشدْنا إليه فيما سبق، فإنْ أراد السائل مزيدَ الإيضاح ففي تركيبه من كبرى ممكنةٍ خاصَّة مع صغرى اللاضروريةِ يحصلُ الحلُّ، ويتبيَّن به الدٌّقُّ والجُلُّ، ولكن في قوله دون ما عداهُ تساهلٌ لا يرضاه.
ثم نقول له: ما شكل ثانٍ لم يحصلْ ما هو معتبرٌ فيه من دوام صغراهُ، ولا انعكاس سالبة كبراه، أنتج قولاً صحيحًا، واستلزم لذاتِه دليلاً رجيحًا، ثم ما شكل ثالث أنتج مع عدم إيجاب صغراهُ، وما شكل رابع أنتج مع عدم إيجاب كبراه؟
قال: مسألة ما بين الصورة الجسميَّة، والصورة النوعية [٥أ] من أنواع التقابل الحكميَّة.
أمَّا الصورة الجسميَّةُ فهي جوهر متصلٌ غيرُ بسيط، لا وجودَ لمحلِّه دونَه، قابل للأبعاد الثلاثة، والصورة النوعيَّة جوهر بسيطٌ لا يتمُّ وجودُه بالفعل دون وجود ما حلَّ