للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه، وأمَّا التقابلاتُ فهما اللَّذان لا يجتمعانِ في شيء واحد من جهة واحدة، وأقسامه أربعة:

أحدها: الضدَّان، وهما الموجودانِ غير المتضايقينِ كالسواد والبياض. (١)

وثانيهما: المتضايقان وهما موجودان يُعْقَلُ كلٌّ واحد منهما بالنسبة إلى الآخر كالأُبوَّة والنبوَّة. (٢)

وثالثها: المتقابلانِ بالعدم والملَكَةِ، وهما أمران يكون أحدُهما وجوديًّا، والآخر عدميًّا، لكن لا مطلقًا بل يعتبرُ منهما موضوعٌ قابلٌ لذلك الموجود، بل الوجودي كالبصرِ والعمى، والعلمِ والجهلِ. (٣)

ورابعها: المتقابلانِ بالسَّلْبِ والإيجابِ كالفرسيةِ والأفرسيَّة (٤) إذا عرفت هذا، وتقرَّر لديك قيدُ البساطةِ في إحدى الصورتينِ وعدمِها في الأخرى علمتَ أن تقابُلَ المقام من النوع الأول من تلك الأقسامِ، وعلى تقدير البساطة فيهما كما قاله البعض يكون توقُّفُ المحلِّ على الحال في الأولى، وتوقُّفُ الحال على المحلِّ في الثانية، مماله مدخل في ذلك التقابُلِ لما تقرر من استلزام تنافي اللوازمِ لتنافي الملزوماتِ، ثم نقول للسائل ـ كثر الله فوائده ـ: كم عدد ما يطلق عليه اسمُ الصورةِ عند أهل الفنِّ؟ وهل يصحُّ وجود تقابل غيرِ الأربعةِ المذكور لا يصدق عليه مفهومٌ واحد منها؟ فإن قال نعم فما هو؟ وإن قال لا فما وجه الحصر؟ [٥ب] ثم هل تنحصرُ الموجوداتُ في الجواهر والأعراض، أو ثَمَّ


(١) هو مقابلة الشيء بضده: قال تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا} ألا ترى صحة هذه المقابلة البديعة حيث قابل الضحك بالبكاء. والقليل بالكثير.
(معجم البلاغة العربية) (ص٥٣٥)، (جواهر البلاغة) (ص٢٩١).
(٢) انظر: (معجم البلاغة العربية) (ص٣٦٧).
(٣) بناء على أن العجز نفي القدرة عمَّن من شأنه الاتصاف بالقدرة.
(معجم البلاغة العربية) (ص٣٦٧).
(٤) انظر: (معجم البلاغة العربية) (ص٢٧٩)، (جواهر البلاغة) (ص٢٩٢).